توافق
#بسبب أسلوبنا الخاص في الزواج ونظرتنا الفرديّة لاختيار شريك الحياة في مجتمعنا المنغلق، يعيش العديدُ من الأزواج والزوجات في حالة من انعدام الحب، أو – إن شئت الدقّة – انحساره وتراجعه، لتصبح الحياة الزوجيّة مجرّد «حالة» من التعايش بين رجل وامرأة يفتقران إلى الإنجذاب الكافي والتفاهم والحب والرغبة في خلق حياة سعيدة ضاجّة بالحياة وناجحة، ولا يرى أحدهما في الآخر أكثر من شريك مفروض بعيداً عن مصطلحات «رفيق الدرب» و«توأم الروح»، وما إلى ذلك مما يجب أن نطلقه على «نصفنا الآخر»..
وفي كثير من الأحيان قد لا يكون هذا الآخر سيئاً كما نعتقد أو يصوِّر لنا نفورُنا منه، وفي كثير من الأحيان أيضاً يقرِّر الزوجان الاستمرار في هذا الزواج رغم انعدام «الانجذاب الكيمائي» اللازم، وغالباً ما يكون ذلك بسبب الأولاد أو العُشْرة، أو لأنّ الأمر أصبح مفروغاً منه، وكل الظروف المحيطة لا تشجِّع على إحداث ثورة أو المناداة بالتغيير.. فإذا كان لابد من هذا الاستسلام بحجة أنّه ليس في الإمكان أفضل ممّا كان، فإليكما – أيُّها الزوجان – بعض الأفكار التي قد تفيد في التعايش مع الآخر، أو قد تُحدث المعجزة وتفيد في إشعال جذوة الحب الذي خمد وتنقذ ما يمكن إنقاذه من ركام هذه الزيجة الكئيبة، والأفكار كالتالي:
1 – تظاهرا بالحب قدر الإمكان، وكلما نجحتما في ذلك كان أفضل، وما دمتما لن تنفصلا وستظلان حريصيْن على هذه الشراكة فلا بأس من أن تعملا جاهديْن على تحويل اللحظات التي تمر إلى لحظات سعيدة، فهي محسوبة من عمريكما، وبادرا بالابتسام الدائم ولا تتذمّرا أو تحدِّثا الناس عن آلامكما وتعاستكما، بل حاولا دائماً تقمُّص دور الزوجة أو الزوج المحب، وقد أثبتت التجارب أن التظاهر المستمر يتحول أحياناً إلى حقيقة ثابتة.
2 – حاولا بناء علاقات اجتماعيّة واسعة والقيام بالعديد من المناشط حتى تكسرا حدّة الملل، فهو أكبر المعضلات التي تواجه الزواج وتهدِّد استقرار. وليكن لديكما الكثير من الأسر الصديقة مشتركة، لأن الصداقة الخاصة غالباً ما تعوِّض عن الحب وتنوب عنه.
3 – حوِّلا جُلّ عواطفكما نحو الأطفال .. فالحب الشديد المبذول للأبناء سيجعلكما تشعران بقيمة التضحية التي قمتما بها لأجلهم، ويذكركما بأنّ الله سيعوضكما فيهم خيراً، فيزداد الأمل ويكبر.
4 – اكتبا مذكراتكما أو خواطركما أو أشعاركما، فالكتابة متنفسٌ رائعٌ عن كل المشاعر السوداوية الحانقة والمكبوتة، وتجعلكما تعبِّران عن معاناتكما بالقدر الذي يعمل على تفريغ هذه الشحنات المكبوتة دون الحاجة لأن يشعر الآخرون من حولكما بما تكابدانه، فالقلم يحفظ السر أكثر من غيره والأوراق كذلك.
5 – جرِّبا الإجازات الزوجيّة.. فللإجازة الزوجيّة فعل السحر في إنعاش العلاقة، فهي فرصة لتأمُّل المشهد الزوجي عن بُعد واكتشاف الميزات التي يحملها الشريك إلى جانب مثالبه، وتقدير ما قدّمه يوماً من خير وأحقّيته بالفرصة التي منحتها له للاستمرار، على ألا تكون الإجازة طويلة حتى لا تعتاد على الحياة بعيداً عن الطرف الآخر فتستطيب الأمر.
6 – حاولا أن تسترجعا الذكريات الطيِّبة والمواقف النبيلة واللحظات الحميمة، فهي تغسل الكثير من الأتراح وتجدِّد بداخلنا طاقة التعايش وتلين القلوب وتفجِّر التسامح بأعماقنا. وإذا كان التعايش مع الآخر في زواج يفتقر للحب تضحيةً كبيرةً وخلقاً نبيلاً وحكمة عظيمة، فذلك مما يدعوك للافتخار، لأنّك قدمت مصلحة أسرتك على مصلحتك الشخصيّة وتجرّدت من حب الذات من أجل استقرار وطمأنينة أبنائك الأبرياء.
{ تلويح:
نصيحة أخيرة: ابحث عن الميزات، لعلّ الحب يتسرّب إلى قلبك، واطلب من الله العون والعوض.
إندياح – صحيفة اليوم التالي