سعد الدين إبراهيم

حملة ود الشواطين الخيرية


قد يكون لما يطرحه ود الشواطين وجاهة في إستراتيجيته ولكنه سرعان ما ينحرف في التطبيق.. عندما أطلق حملته الأخيرة على تغيير مسار حياة (العزابة).. والعزابة هؤلاء قطنوا في حلتنا تدريجياً.. إذ كان البيت يسكنه أستاذ حسان مع والدته الكبيرة في السن.. إلى أن ماتت فعاش وحيداً.. فبدأ يسكن معه بعض زملائه الأساتذة من الذين يسكنون الأحياء البعيدة أو من ناس الولايات.. ثم أقاربه من غير المتزوجين أو حتى من المتزوجين لكن الذين يزورون العاصمة لوحدهم، كانوا يعتبرون بيته منزلة لهم، وشاع أنه (بيت العزابة) بعد أن نسي الناس المرحومة والدته.
حقيقة التزم أستاذ حسان بنصائح كبار الحي.. وهو وخمسة من العزابة الذين يسكنون البيت كانوا دائماً حريصين على أن لا يبدو منهم أي تصرف أو سلوك يؤلب عليهم ناس الحي.
قال ود الشواطين إنه يجب أن يحولهم من (عزابة) إلى أصحاب (أسر) وأنه يجب أن يزوجهم من بنات الحي اللائي أوشك أن يفوتهن قطار الزواج.. لكنه طبعاً لابد أن يكون شريراً.
عرفت أنه أخذ يبحث عن ثغرات في سلوكهم حتى ينتبه الحي إلى خطورة وجودهم.. قلت: وكيف تخدم هذه النية الشريرة قضية العزابة فقال: أفهم يا…. صديقي حتى ينتبه الناس للمشكلة يجب أن نصقعهم بخطورتهم، هنا يقفون أمام المشكلة وجهاً لوجه بعد ذلك يأتي اقتراح تزويجهم وتحويلهم إلى بشر عاديين من عزابة مهمشين.
بدأ ود الشواطين يدرس حركات العزابة وسكناتهم فلم يجد عندهم سوى الاحترام وكانوا كأنما يتحدثون همساً لا تسمع لهم صوتاً.. ولكن ود الشواطين اعتبر تلك تكأة فأخذ يشيع أن صمتهم هذا بسبب تناولهم للمخدرات.. فهي تجعل الناس يصمتون ويغرقون في خدرهم اللذيذ.. راجت الفكرة وبدأت تلوكها الألسن. وسرعان ما وصلت للعزابة فأصبحوا يكسرون الصمت بتعلية الاستريو وسماع الأغنيات والونسة بصوت عال والقهقهة بصوت أعلى حتى ينفون تهمة انسطالهم.. هنا وجدها ود الشواطين سانحة فأشاع أن الجماعة (قلبوا) من المخدرات إلى الكحول.. وأن هذه الضجة علامة على انغماسهم في الكأس حتى الرأس.
طبعاً يجد ود الشوطين من يصدقه على الرغم من وجود من يكذبه لكنه نجح أخيراً في لفت النظر إلى خطورة بيت العزابة.. وحبة حبة بدأ يروج للحل الذي يقترحه.. أن يزوج الناس بناتهم للعزابة ولأنهم عزابة من محدودي الدخل فلابد من تيسير الزواج وكانت هذه المهمة الصعبة.
ثم بدأ ود الشواطين يقتحم العزابة ويغريهم بالزواج من بنات الحي.. وأن ذلك سيتيح لهم فرصاً للسكن الآمن وتكون حياة بدون تكاليف باهظة.. وبدأ بحسان ذاته، واقترح له الزواج من (بت شاهين) فهي أستاذة مثله وأخلاقها عال العال.. وواجهتهم مشكلة أن والدتها رفضت أن تزوج ابنتها (لعزابي) إلى أن أقنعوها بأن الزواج هو أساساً للعزابة. قالت ولكنهم بدون أهل وأخيراً أقنعوها بأن الأهل حسب ما تريد من كمية سيحضرونها من البلد.
مرت الحملة.. وأخيراً تم تزويج كل العزابة.. بعضهم سكن مع نسابته وبعضهم أجر ولو بعيداً من الحي.. نجح أخيراً في مهمة خيرة ود الشواطين.
بدأ الحديث عن ود الشواطين يتغير تدريجياً.. وأشيع أنه أصبح عاقلاً وأن حملته بتزويج العزابة أثمرت.
كنت أرقب في حذر التطور المفاجئ لود الشواطين نحو عمل الخير إلى أن جاءني ذات مساء ويبدو أن عينه الشريرة قد استيقظت مرة أخرى: فقال لي: مش أنا عرست للجماعة ديل قلت: طبعاً وهذا إنجاز لن ينساه لك الناس.. فقال: يجب أن ينسوه! قلت لماذا.. قال لأنني أفكر الآن في طريقة أجعل هؤلاء المواهيم يطلقون زوجاتهم ويعودون عزابة من جديد.
(صحيفة المجهر السياسي)


‫2 تعليقات

  1. أول حاجه ي أستاذ أشكرك على رائعتك (العزيزة الما بتسأل عن ظروفنا) شعر روعه ، تلحين خطير ، أداء ما تقول لي. الأغنيه دي كاسره فوقي ضلعه.

    لمن قريت العنوان كنت مفتكر دا مشروع خيري لود الشواطين لاعب الهلال السابق الذي أحرج بيليه عندما حضر للسودان (ما أذكر فريق سانتوس ولا فاسكو داجاما)