د.عبد الوهاب الأفندي

انقلاب البشير السادس

(1) يبدو أن بعض الإخوة الذين يكثرون من نقدنا لما يتهموننا به من عدم إلمامنا بما يجري في بلدنا الحبيب على حق، لأننا صحونا فجأة هذا الأسبوع على ثورة جديدة، أعلنت نهاية الظلم والفساد، ووعدت بالرخاء وبسط العدل، وإرساء قيم المواطنة المتساوية، والمشاركة السياسية للجميع، واتباع سياسة خارجية معتدلة وعقلانية. فكانت هذه مفاجأة لم نحسب لها حساباً، وواقعة غيبتنا الغفلة. فقد كنا نظن –وكثير من الظن إثم- أن بلادنا كانت محكومة بقيادة رشيدة مقتدرة. ولكن الحمدلله، برح الخفاء وانكشف المستور، وظهر أن الحكام كانوا ظلمة مفسدين، حتى تصدى لهم من يردعهم ويقضي فيهم بما يستحقون.

(2)

ولا بد أولاً من أن نهنىء الشعب السوداني الصابر بهذه الثورة المباركة، وبالقيادة الجديدة الرشيدة التي انتفضت على الظلم والفساد وانعدام الكفاءة. وفي الوقت نفسه نحذر أنصار النظام السابق من الفاسدين والمرتشين ومرتكبي الكبائر من عواقب شين أفعالهم. وننصحهم، خاصة أولئك المعروفة أسماؤهم للقاصي والداني، بسرعة الاختفاء أو الضرب في أرض الله الواسعة، قبل أن ينالهم العقاب الرادع.

(3)

لا نود أن ندخل في جدل عقيم كشأن إخواننا في مصر عما إذا كان ما حدث انقلاباً أو ثورة. ومهما يكن فإن الزعيم المحترم المحبوب عبدالفتاح السيسي قد قطع هذا الجدل، عندما شرف إعلان الثورة المباركة هو والزعيم روبرت موغابي والثائر أدريس دبي والزعيم المنتخب اسماعيل عمر جيلي وبقية رموز الديمقراطية في افريقيا. فهي ثورة مباركة إذن، لا ينكرها إلا حاقد أعماه الغرض، أو منتفع من فلول نظام البطش والعدوان السابق.

(4)

قائد هذه الثورة المباركة هو أيضاً معروف لساحات النضال الثورية، فهو يضاهي الزعيم الراحل وملك ملوك افريقيا، وقائد الثورة المستدامة في ليبيا والعالم، القائد الملهم العقيد معمر القذافي، الذي ظل يثور حتى على نفسه بين حين وآخر. فهو قائد ثورة الإنقاذ التي أودت بنظام الطائفية الفاسد المتهالك في عام 1989، ثم هو أيضاً قائد ثورة الرابع من رمضان المباركة في عام 1999 ضد التطرف والطغيان. وهو أيضاً قائد ثورة الجنجويد المباركة التي انطلقت في دارفور الفتية منذ عام 2003، ولا تزال مستمرة لتطهير أرض دارفور المباركة السعيدة من كل مارق أشر.

(5)

لم يكتف الثائر الميمون بذلك، حيث قاد ثورة 2010 الشعبية التي اطاحت باتفاق نيفاشا المفروض دولياً، وحررت السودان من الجنوب، وأراحته من الاحتراب والنفط وكل المنغصات الأخرى. ثم ما لبث في خريف عام 2013 أن ثنى بثورة مباركة أخرى أطاحت بمراكز القوى، وطهرت الدولة والساحة السياسية من رموز الظلم والفساد، فصيرتهم أثراً بعد عين، وتركتهم عبرة لمن اعتبر، وآية لمن يذكر.

(6)

وها هو ثائرنا الهمام يكمل ما بدأ، ويحسن الختام بكنس كل من بقي من الفلول، بدءاً من البرلمان الذي أقصى من قيادته كل فاسد ضال، وعهد به إلى القوي الأمين، فاصبح أطوع له من بنانه. ثم ثنى بالجيش، فاطاح فيه بكل من حامت حوله الشبهات، ولم يدرك فضل قوات الدعم السريع، والحشد الشعبي الباسل. وهو الآن مقبل على كل مخابئ الفلول ومكامن الفاسدين المفسدين، حيث لن يدع منهم دياراً. فصح فيه قول المتنبي في عضد الدولة: لما أصار القفس أمس الخالي/ وقتل الكرد عن القتال/ سار لصيد الوحش في الأجبال. فلله دره من قائد ميمون. ونحن نقول لمن بقي الفلول: انج سعد فقد هلك سعيد، والثورة ماضية إلى نهاياتها وغاياتها.

(7)

لتبشر الأمو السودانية إذن، بفجر جديد أشرق، فقد أصبح الصبح، فلا السجن ولا السجان باق. ولله الحمد من قبل وبعد على عظيم مننه، وجلائل نعمه. أليس هو القائل جل وعلا: «وما للظالمين من أنصار»؟

تعليق واحد