الجرس ضرب
تحتشد بهم الدروب.. يسعون نحو مدارسهم بمختلف الأزياء والأعمار.. يملؤهم الحماس والنشاط وهم يستقبلون العام الدراسي الجديد.. يتقاطرون من كل الأحياء والبيوت محملين بأحلامنا الوارفة.. تحفهم الدعوات والأمنيات.. وتتعلق على ظهورهم حقائب تضج بالعشم الأخضر الذي كلفنا الكثير.
كل عام والجميع بألف خير.. جعله الله عاماً من الحصاد الأكاديمي والفلاح والنجاح والاستقرار.. كل عام وأبناؤنا يتبارون في تحقيق أحلامنا المؤجلة، ويرسمون واقعاً أفضل لهم ولنا وللبلاد والعباد.
ولست بصدد الحديث عن المعاناة المتوالية التي تحاصرنا كلما (ضرب جرس) اليوم الأول في المدرسة.. والتي تبدأ قبل ذلك بقليل ونحن نكابد الأمرين لتوفير مستلزمات المدرسة والدراسة ما بين مطرقة جشع التجار وسندان النفقات الدراسية.
فالوقائع تشير لأن لا مناص من بذل الغالي والنفيس لأجل هؤلاء الأبرياء الذين لم يدركوا بعد حجم الضنك الذي يلازم فرحتهم الطاغية بملابسهم الجديدة وحقائبهم الأنيقة وأحذيتهم الجميلة وأقلامهم الملونة.
لا يعنيهم سوى الركض نحو فصولهم لحجز مقاعدهم لتلقي العلم واللقاء بالأصدقاء.
وبهذه النظرة الإيجابية المتفائلة لواقع تعليمي تؤكد كل الشواهد أنه بات مزرياً للحد البعيد من حيث ماهية المواد الدراسية ونوعية المعلم، وغيرها من تفاصيل لنا عليها الكثير من التحفظات التي قتلناها بحثاً.
ولكننا برغم ذلك نظل معلقين بخيوط الأمل في أن يمضي التعليم في بلادنا نحو الأفضل.. وأن يعود المعلم مربياً كما كان.. وتعود المواد الدراسية تضج بالمعلومات القيمة المفيدة التي تلازمنا طوال العمر.
وإن كان لابد من الحديث عن محور بعينه، فإنني أسجل إعجابي بمبادرة (حقيبتي صديقتي) التي أطلقت هذا العام بمباركة وزارة التعليم العام.. فالحقيقة أن الحقائب المدرسية ظلت تشكل هاجساً لكل الأسر المعنية بمصلحة وصحة أبنائها.. إذ أنها كانت طوال الأعوام السابقة تشكل عبئاً يثقل كاهل الطلاب ويوجع قلب الأمهات ويثير قلق الآباء كونها تكاد تقصم ظهورهم الغضة بأوزانها الثقيلة، وهي تتكدس بالكثير من الكتب والكراريس التي يضطرون لحملها جيئةً وذهاباً في كل يوم لعدم وجود جدول دراسي ثابت للحصص الدراسية.
ولكن ها هي الوعود والقرارات تصدر هذا العام تنادي بتخصيص جدول دراسي محدد غير قابل للتغيير، يمكن الطلاب من حمل كتب دراسية بعينها فقط لكل يوم.. الشيء الذي يقلل ثقل تلك الحقيبة ولا يتسبب لهم في الاستياء والضجر من حجمها غير المنطقي.
وأتمنى صادقة كأم قبل أي شيء أن تلتزم إدارات المدارس بتلك المبادرة، وتعفي أبناءنا من معاناة الحقائب اليومية، وترحمنا من ذلك المشهد اليومي المقيت، ونحن نراهم يكادون يجرون أنفسهم جراً بينما تنوء ظهورهم بحمل أثقالها الأكاديمية.
هذا مع أمنياتي لجميع أبنائنا الطلاب في كل المراحل الدراسية بعام دراسي سعيد ومستقر بعيداً عن التسرب والتسيب والتغيب وفواجع الخريف والصيف القائظ.
تلويح:
يلا يا أولاد المدارس.. في ربى السودان وسهلو..
يلا شخبطوا في الكراريس.. (أرسموا مستقبل أجمل).