الأمان هو نعمة الإيمان ، لأنّك لا تبلغه إلّا مؤمناً
إنّها السكينة التي لا تُشترى، بل يهبها الله لمن اصطفى من عباده. فهي نعمته التي لا نعمة تفوقها «ألا بذكر الله تطمئن القلوب»، بينما كلّ ما يصنع زهو المرء من جاه وقوّة وثراء وشهرة، تغدو مصدر شقاء لقلوب أصحابها.
لا أغبط في رمضان سوى من يفوقني زهداً في ولائمه و موائده العامرة ، وما أكثرهم ، الذين يدرون أنّ الدنيا وليمة المغفّلين. ما غبطت سوى زاهد وهو في خلوته الجميلة بالله حتى مطلع الفجر . ينتظر العشّاق موعداً يجمعهم ولو ساعة مع الحبيب. وها هو المؤمن قد فاز بشهر كامل مع مَن يحبّ. فهل يفرّط في موعد كهذا ، منشغلاً عنه بما يخاله أهمّ ؟
«إنّ طلاق الدنيا مهر الجنّة»، وفي هذه الحالة بالذات لا يجوز لنا الجمع بين الاثنتين. نصيحة ليست سهلة التطبيق. فالنفس البشرية ضعيفة أمام غواية الدنيا. هكذا أرادها الله ليمتحنها. وهي لا بدّ واقعة في شرك الدنيا وفتنتها ، برغم إدراك الإنسان تماماً ، أنّه يُراهن على خليلة عابرة.. وخادعة.. وزائلة، لن يُرزق منها سوى الذنوب.
لكن، في إمكان المرء، أن يخلع هذه الدنيا وقشورها ولو لشهر، كما تخلع الزواحف جلدها، أن يولد كلّ رمضان نقياً و جديداً كما يُولد ذلك الهلال. إنّها فرصته ليكبر يوماً بعد آخر بمجاهدة نفسه ومغالبة قلبه، وإصلاح نيّاته. أن يترفّع عن ردّ الأذى، و يكثر من الصدقات والاستغفار، و يُقلع عن متابعة المسلسلات الرمضانية على مدار الليل والنهار ، ويتأمّل عوضا عنها في إعجاز هذا الكون !