فدوى موسى

حد الهيليوم!


تمضي أيامه تباعاً وتنسرب من بين ثنايا الدقات للثواني والدقائق.. أيام مباركات تخفف فيها الذنوب والمعاصي حد الهيليوم.. «صديقتي» تعتقد أن الهيليوم هو الأخف في ترتيب الكيمياء.. ولأن تراكم الذنوب قد أخذ مآخذه من كل سلوكياتنا .. ولعل الجمعة للجمعة والشهر للشهر والعام للعام فرصاً لاعادة ما يمكن أعادته إلى قواعد المسار الممكن حتى يكون البدء على عطف الصحيح.. مر اليوم الأول.. الثاني.. الثالث.. الرابع وها هو التتابع المرجوء يتسلسل مرة بعد مرة، وأن أحكم استغلال الفرصة فإن التحلل من الذنوب قد يحملنا إلى ما تعتقده «صديقتي».. حد الهيليوم.

الغائبون في رمضان!

هم الآن في رحاب آخر.. أوسع ما يكون الرحاب على نظرية «الوساع» التي تأبى حدوده إلا أن تتسع للجميع، هم هناك في عالم من المثال والانموذج.. يتطهرون ويتطوفون في شعاب الرحمة والمغفرة.. الماضون بطهرهم ونواياهم الفاضلة للعشم الذي انقطع وتلاشى إلى ذلك الفراق والبعد النهائي.. «المراحيم» الأباء.. الأخوان.. الأخوات والأمهات ذلك هم العابرون بلا استئذان لهذا المرور.. كل الرحمة والمغفرة لهم وهم قد بعدوا عنا بإرادة القضاء والأقدار المسطورة.. فقدناهم في زدنامة تفاصيل أيام الشهر الفضيل باعتبار أنهم كانوا ومازالوا حاضرين بتحليق أرواحهم.. لهم جميعاً ذات الأمنيات بالقبول عند ربهم العادل بقضائه لهم وعليهم.. وكل ما تمر الأيام تترسخ فينا وفي من فقد أحدهم أركان اللوعة مع التسليم بالذهاب الخالد.. لهم جميعاً الرحمة.. والمغفرة.

بعد رمضان!

اتكالية البعض تسوقهم للنظر لهذا الشهر الفضيل على أنه مرحلة أو فترة زمنية «للترخيم» كما يقول هؤلاء.. لذلك ترى لسانهم يلهج بالتأجيل إلى ما بعد رمضان باعتباره شهراً للراحة والترطيب.. ما بعد رمضان تراكم لأعمال كثيرة هي حصيلة شهر من التهرب والزوغان من آتيان هذه الأعمال بحقها، ولكن البطء والتتاكل عند هؤلاء صفات أصيلة تكشفها فقط تواترات الأيام ومرورها.. ليس العيب في الشهر وأيامه بقدر ما العيب في الفكرة عند هؤلاء البعض الذين يرؤون اليوم في رمضان دون اليوم الآخر فيما عداه من أيام السنة نشاطاً وحراكاً وسرعة ودقة أم إبطاءاً.

الغلاء الرمضاني!

لم يكن مستغرباً أن تكون قطعة المنقة في شهر رمضان بخمس جنيهات حيث لا ضابط للأسعار ولا ضمير للتجار الذين يعرفون أن حاجة الناس تقودهم في نهاية المطاف للشراء بأي سعر كان.. «صاحب الخضار» يعتقد أنه موسم كسبه اللامحدود «الفكهنجي» يظن أن مسلمو هذه البلاد لا يحققون أعلى معدلات الشراء إلاّ في هذا الشهر الفضيل.. وما بين هذا وذاك ينفلت السوق ويصبح حقاً غولاً بلا رحمة ولا إنسانية .. ولعل الغلاء الفارط في رمضان يدل على غياب كامل لمؤسسات الرقابة.

آخر الكلام:

رمضان شهر كريم.. مختلف.. ليس لأنه كما يظن البعض فرصة لتقليل الحراك ولكن لأنه شهر لله وهو يجزي به.. هنيئاً لما عرف هذه القيمة وعمل لأجلها «مع محبتي للجميع».