مرافعة نسائية
التهمة التي لن أنكرها يوما هي ما يسوقه البعض عن تحاملي على الرجال. وهي بالمقابل حب لا أدعيه.. فالعزيز آدم سيظل دوما أبي وأخي وحبيبي وزوجي وابني الذي أعول عليه كثيرا… بيد أن مناوشاتي له تخرج من رغبتي الأكيدة في أن أرتقي به لمحاذاة سقف أشواقي وتطلعاتي نحوه ليكون مثل ما أود وأتمنى.
وأعترف أن إمعاني في مراقبته وانتقاده قد هيأ لي فرصة ملائمة للتعرف عليه عن قرب.. فوجدته في معظم الأحايين على غير ما يبدو من صلف وغرور وجحود.. يقدم على كثير من التصرفات التي تثير حفيظتنا كنساء دون قصد وعلى حسب مافطر عليه من لامبالاة وبرود!!
نعم.. مسكين هذا الآدم فهو غالبا لا يعي الأبعاد الحقيقية لسلوكه.. ولا تتعدي اعتباراته للوقائع أبعد من أرنبة أنفه.. لهذا يقع دائما في فخنا النسائي العميق والواسع كوننا نلقي عليه بظلال ميزاتنا الفطرية التي تعنى بأدق التفاصيل وتنظر للأشياء بمنظار عاطفي أولا!!
لذا.. وجدتني اليوم أفكر جديا في تقديم مرافعة صادقه عن هذا الكائن الذي يقاسمنا كوكب الأرض مستحوذا على جل اهتمامنا وهو الذي يحرك حياواتنا من الجهات الأربع فنظل ندور في فلكه بلافكااااك وهو ما حق لنا أن نعترف به.. كون الرجل يمثل الدافع الرئيس لغالبية المسالك التي تتخصها النساء وفي كل اتجاه.
إن آدم المتهم بالإمعان في تعذيبنا وهواننا يا عزيزتي كان في الأصل ذلك الطفل العنيد المشاغب الذي حرضته يوما كأم على ألا يبكي لأن الدمع يتعارض مع الرجولة وأن التعبير عن المشاعر الجياشة الحميمة ضعف وأن عليه أن يقتلع حقه من الجميع عنوة دون أن يكترث لأمر أحد!!
وحين كبر… وصار رجلا يتغاضى عن أشواقك ولا تؤثر فيه دموعك ويفكر في نفسه أولا بدأت تطلقين عليه النار وتهدرين دمه بتهمة الجحود واللامبالاة!!
علينا أن نعيد النظر في تربية أبنائنا أولا حتي لا نكون أحد أسباب التعاسة التي ستعيشها واحدة من بنات جنسنا يوما.. وعلينا أن ندرك بهدوء تام وقناعة مطلقه أن أسلوب التفكير والعاطفة وردود الأفعال تختلف تماما لدى آدم عما هي عليه لدينا.. وهذا أمر غريزي غير مكتسب.. فلا تنتظري منه أن يفكر بنفس طريقتك أو يحب ويكره بنفس طريقتك أو يزن الأمور بميزانك!
هو كائن مستقل.. يجب ان تجتهدي في التعايش معه دون أن تفكري في تغييره أو الحجر عليه..!! حاولي أن تستوعبي اختلافه.. أن تتقبلي شخصيته.. أن تقدمي له ما بوسعك دون أن تنتظري مقابلا معينا افترضه عقلك.. فالرجال عموما يعانون من خلل في القدرة على التعبير المباشر.. ولكن امتنانهم وحبهم يتجلى في تفاصيل صغيرة متفرقة ابحثي عنها ولا تحتقريها كونها لم توافق متطلباتك فهذا أقصى ما لديهم وكل ما يفرض عليهم لا يأتي إلا بنتائج عكسية ولو على المدى البعيد.
هذا الآدم.. وحدك القادرة على النجاح في التوافق معه.. وبيدك زمام الأمور.. واعلمي أن التجاهل والسخرية التي يبادر بهما يوما يعنيان في الغالب أن بداخله ألما عظيما يجتهد في الهروب منه!!
احترمي إذنْ صمته.. وصخبه.. ورغبته في الانغلاق أو الانفتاح.. وتعاملي بحنكة ودراية مع ساعات انفعاله غير المبرر ودلاله الزائد وتعلقه بأشخاص وأشياء غيرك.. فهو لا يتعمد كل ذلك.. وأظن واقعه البشري يحتم علينا دائماكنساء أن نحتويه.. فقد كنا منذ بدء الخليقة إناء بشريا للاحتواء.. وكان وسيظل المحتوى.. (ويمين بالله.. ما في مره بيغلبها راجل).. فقط بعض الصبر.. والكيد.. والحب.. والحنو.. والاهتمام.. وكلها والحمد لله من مواهبنا الفطريه التي قد يكتسبها آدم يوما!!
تلويح:
يقول نزار قبانى:
لم تستطيعي بعد أن تتفهمى..
أن الرجال جميعهم أطفال؟!!!