منصور الصويم

أزمات السوداني


تصاعدت هذه الأيام أزمات قطوعات المياه والكهرباء، والخدمتان بلا شك أصبحتا من أعز الخدمات الحيوية لدى المواطن، بهما يسير كل شؤونه اليومية ومن غيرهما تتوقف دورة الحياة تماما. هذه أزمة متكررة تكاد تكون موسمية معلومة المواعيد والمواقيت، يواجهها المواطن في كل مرة بذات الغضب والعجب والتخبط في الحلول من قبل المسؤولين والمزيد من الصبر غير المضيء. وهذه الأزمة مضافة إلى أزمات موسمية أخرى يواجهها السوداني بنفس الطريقة مثل الخريف والفيضانات، أسعار بعض السلع الشتوية والصيفية – سهلة الحلول إن أريد لها حلٌ – مثل “الطماطم والليمون واللحوم”، إلى جانب أزمة ما يعرف بالمواصلات وهي من غرائب الأشياء التي يعاني منها هذا المواطن؛ إذ باسمها شيدت الجسور واستوردت البصات والحافلات وأسست الشركات ولا تزال ماثلة تطبق بكفها على السوداني المسكين!

النكتة القديمة تقول إن الخواجة بعد أن قضى ردحا من الزمن داخل السودان عاد إلى أهله، وحين سئل عن انطباعاته وملاحظاته حول هذا البلد الأفريقي – سلة غذاء العالم، قال إن السودانيين أكثر شعب يعاني في هذا العالم، بل إن حياتهم هي الجحيم بعينه، الجميع فقراء والمعيشة غلاء وانسحاق، والشعب في جهة وحكوماته في الجهة الأخرى، وإن ما أدهشه حقا أن السودانيين جميعا راضون بهذا الحال، وأن مقولة (الحمدلله) هي سر استمرار الحياة في هذا البلد العجيب. المهم لخص الرجل بطريقة أو بأخرى الظروف المأساوية التي يعيشها السودانيون ويواجهونها بالإيمان الديني والحس الصوفي غير المفهوم بالنسبة لشخص مثله ينتمي لثقافة أخرى وحياة أخرى.

في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان تصاعدت بشكل محير أسعار بعض السلع الاستهلاكية المهمة للصائمين، وكمثال على العسف المعيشي الذي يواجه المواطن فإن سعر (العجورة) الواحدة في بعض الأسواق وصل إلى ثمانية جنيهات وأكثر، وعلى ذلك قس، سلطة (الروب) يمكن للمواطن أن يتجاوزها في إفطار رمضان، أما أن يطال الأمر سلعا أخرى مثل السكر والدقيق والخبز والزيت… إلخ فإن الأمر يصبح فوق طاقة أي إنسان ويخرج من إطار الأزمة العابرة إلى حيز المأساة بكل معانيها المحزنة.

نعم الصبر مفتاح الفرج، بيد أن الفرج المقصود هنا يعني سبيل يؤسس للحياة، أما يكون الصبر مقابل لتدهور الحياة فإنه بهذا المعنى يعادل الانتحار والموت البطيئ.

على كل، الحمد لله في كل حال.