الطاهر ساتي

حصاد الزرع ..!!


:: إغتيال النائب العام هشام بركات بانفجار يستهدف موكبه.. وكان بركات هذا قد أصدر قراراً بفض اعتصام رابعة العدوية بالقوة لحد الموت والجرح، وكان قد أحال ملف الرئيس المخلوع مرسي – وآخرين – إلى محكمة الجنايات لتصدر ضدهم أحكام الإعدام، أو هكذا بعض سيرته المهنية.. وها هو يسبق مرسي والآخرين إلى الموت (انفجاراً).. وليس في الأمر عجب، فمن يزرع العنف لا يحصد الأمن والسلام.. وإنها ديمقراطية العالم الثالث بمصر.. وهي الديمقراطية التي عبر عنها أحمد مطر: ( قال لزوجته: اسكتي / وقال لابنه: انكتم / صوتكما يجعلني مشوش التفكير/ لا تنبسا بكلمة، أريد أن أكتب عن حرية التعبير)..!!
:: أو هكذا التناقض – بين الأقوال والأفعال – في ديمقراطية العالم الثالث و(الأخير طبعا).. وهذا ما يحدث في مصر، على سبيل المثال الراهن وأهم قضايا الساعة.. فالشعب هناك، بكامل قواه العقلية وبكامل الحرية وفي الهواء الطلق، انتخب الإخوان.. لقد صدقوا الشعار الإسلامي وانتخبوه – طوعاً واختياراً – نهجاً حاكماً.. ولكن، قبل أن تكمل حكومة الإخوان العام عمراً، خدعوا الشعب بديمقراطية التناقض ما بين (الأقوال والأفعال).. فانخدع الشعب لمن يلقبون أنفسهم بالديمقراطيين.. وبتحريض من قوى المعارضة المسماة بالديمقراطية، اتنفض ضد حكومة الإخوان، ومهدوا طريق السلطة لـ(حكم الجيش)..!!
:: وأمام هذا الاغتيال غير المشروع، ثمة أسئلة هي (المأزق).. هل انتفاضة الشعب، بتحريض قوى المعارضة، ضد حكومة منتخبة – لم تكمل دورتها – مشروعة؟.. الإجابة ليست باليسر الذي ينطق (نعم أو لا).. فالفيلسوف الفرنسي ديكارت، أبو الفلسفة الحديثة، مات في العام 1650م، كاد أن يتكهن بما يحدث لمصر، إذ قال ديكارت: (الشيء المقرف في الديمقراطية أنك تضطر لسماع الأحمق).. لم يقل إنك تضطر لحكم الأحمق، ولو قالها لصدق.. نعم، فالذين حكموا مصر خلال عهد مرسي هم (بعض الحمقى)..ولكن، الديمقراطية – في الأصل – هي حكم الشعب لنفسه.. ولا يحكم الشعب نفسه إلا باختيار برنامج سياسي، وهذا ما جاء بحكم مرسي..!!
:: لم يرغمهم مرسي على اختياره رئيساً لبلدهم، ولم يرغمهم حزب مرسي على اختيار مشروعه السياسي نهجاً حاكماً.. ومن يحتمل سماع أقوال الأحمق حسب قانون الديمقراطية، فليحتمل أفعال حكم الأحمق أيضاً.. وخاصة أن تلك الأفعال لم تفرض عليك، بل أتت باختيارك.. وقانون الاختيار، كما أي قانون آخر، لا يحمي (المغلفين).. هناك عقد دستوري يلزم الشعوب باحتمال أفعال ونتائج وآثار اختيارها لحين إكمال ذاك الاختيار الحر (سنوات الدورة)..!!
:: وبعد الإكمال، للشعب حق التجديد بحيث (يلدغ من الجحر مرتين)، أو يمارس حق تغيير اختياره غير المثالي بآخر مثالي.. وكل هذا هو المسمى بالشرعية حسب تعريف الرئيس مرسي وإخوانه، وهي كذلك.. نعم، شرعية الرئيس مرسي – بغض النظر عن نهج حزبه – تضع قوى المعارضة المسماة بالديمقراطية هناك في ( مأزق أخلاقي).. لم تقبل تلك القوى بحكم (محكمة الديمقراطية)، ولم تحتمل نتائجها، ولم تصبر على النتائج لحين (أجل محدد)، وليس (مطلقاً).. أي كما سقطت حكومة مرسي في امتحان السلطة، سقطت أيضا شعارات قوى المعارضة التي تدعي الديمقراطية في امتحان المصداقية.. وما حدث لبركات – والقادم أكثر – ما هو إلا بعض طبيعة الأشياء في الدنيا كلها، وليس في مصر فقط، أي (حصاد الزرع)…!!


تعليق واحد