حكة الجلد عارض يؤدي إلى مضاعفات مرضية
تعرف الحكة بأنها تهيج في الجلد مما يؤدي إلى ظهور خدوش به، وتتنوع أماكنها عليه، كما تتنوع أسبابها إلى أسباب مصاحبة لأمراض جلدية وأخرى مصاحبة إلى بعض الأمراض العامة وهناك أسباب خارجية أخرى.
وقال الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث بالقاهرة أستاذ أمراض الجلدية الدكتور هاني الناظر إن زيادة الحكة تؤدي إلى مضاعفات عديدة وخطيرة أحيانا، أولها التسبب في جروح نتائجها خطيرة نظرا للحكة الشديدة، وتلك الجروح من المرجح أن تنقل إليها بكتريا تؤدي فيما بعد إلى التسمم وتقرحات والتهابات مبرحة بالجلد.
فيما يوضح أن الحكة تكون نتاج لأمراض أخرى مثل الجفاف سواء الجفاف المرضي أو الناتج عن تقدم العمر، وقلة نسبة الدهون تحت الجلد، والحساسية، إلى جانب مرض الجرب، والطفح الجلدي نظرا لبعض الأدوية التي يكون الطفح أثرا جانبيا لها، فضلا عن مرض الإكزيما.
وأثبتت دراسة أميركية من نورث وسترن بشيكاغو أن مرض الإكزيما الجلدي يزيد من نسبة الإصابة بالحكة الشديدة، والتهاب مزمن نتيجة الجفاف واحمرار الجلد والشعور بالرغبة في حك أماكن المرض.
وتابع أستاذ أمراض الجلدية بالقاهرة، قائلا “كما أن هناك بعض الأمراض العضوية التي تساهم في الحكة الشديدة، مثل الكبد والسكري، وكذلك الكلى، وكذلك الأنيميا وسرطان الدم، فضلا عن مشاكل الغدة الدرقية”. مشيرا إلى أن مضاعفات الحكة الجلدية تكون عبارة عن تكون كلف وبقع غامقة اللون في الجلد يصعب علاجها فيما بعد، فضلا عن سماكة المكان الذي يتعرض للحك وتغير مظهره ولونه عن باقي الجلد من حوله.
وتظهر الحكة بصورة متنوعة حسب المرض الأصلي، حيث من الممكن أن تكون في الذراع والساق فقط وأحيانا تشمل كامل الجسم، ويصاحبها احمرار في الجلد وبقع جلدية وتشقق في الجلد.
ويشير الناظر إلى أن التخفيف من آثار الحكة يكون عن طريق مواد طبيعية إلى جانب العلاج، كما يجب استعمال إلى المياه المالحة حيث إنها تقلل من تشقق الجلد وتمنحه الأملاح المعدنية المطلوبة.
فضلا عن استخدام أقمشة مناسبة للجلد ولا تسبب له التحسس أو التهيج، والابتعاد عن الأنسجة المصنوعة من خامات صناعية تضر به فيما بعد، فضلا عن استخدام المرطبات بصورة مستمرة، لتفادي تشقق الجلد والحكة، مع ضرورة علاج المرض الأصلي الذي تعد الحكة عرضا له.
الحكة التي تعم جميع أجزاء الجسم تصعب معالجتها مقارنة بالحكة الموضعية، كما يمكنها أن تحدث مع ظهور تقرحات
ويشار إلى وجود حالة نادرة تصيب الحوامل وهي الحكة التي تأثر على الكبد، حيث تصيب 1 بالمئة من الحوامل، وفي العادة تصيب الحامل في مراحل متأخرة من الحمل.
واستطاعت دراسة أميركية حديثة أنجزت على الفئران، تسليط الضوء على أحد الجينات المتعلّقة بالحكَّة المزمنة، وأظهرت المشرفة على الدراسة الدكتورة راشيل بريم، الباحثة في مجال الجينات، والأستاذة المساعدة في معهد بوك لأبحاث المسنِّين في مدينة نوفاتو الأميركية، قائلة “تشير الإحصائيّات إلى أن ما نسبته 10 إلى 20 بالمئة من تعداد السكان سوف يعانون يوما ما من حكّة جلدية مزمنة. ويمكن لهذه الحكَّة أن تنجم عن أسباب كثيرة، مثل الإكزيما أو الفشل الكلوي أو التشمّع الكبدي أو السرطان. إنّ الفهم الدقيق لآليّة حدوث الحكّة المزمنة يعدّ إنجازا مهما من شأنه أن يفتح أمامنا آفاقا جديدة وواسعة”.
وعلقت الدكتورة ميشيل جرين، أستاذة الأمراض الجلديّة بمستشفى لينوكس هيل في مدينة نيويورك الأميركية على الدراسة قائلة “المشكلة في الإكزيما أنّها تتظاهر بحكّة جلدية تتفاقم أكثر بنتيجة هرش المريض لجلده، ثم تسير الأمور في حلقة مفرغة من الشعور بالحكَّة والتخريش الناجم عن الحكّ”.
وأشار الدكتور أندريه أليكسيس، رئيس قسم الأمراض الجلدية بمستشفى ماونت سيناي بمدينة نيويورك، إلى أنّ الدراسة تمنح أملا لمرضى الإكزيما بالعثور على دواء لحالتهم، حيث قال “أعتقد بأنّ هذه الدراسةَ قد ساعدتنا كثيرا على فهم أسباب الحكّة المترافقة مع العديد من الأمراض الجلدية، وهي عرض لا يزال غير معالجٍ بشكل كاف حتى الآن”.
ويعتقد الدكتور أليكسيس أنّ نتائج هذه الدراسة “ستفتح الباب واسعا أمام إجراء المزيد من الأبحاث حول علاج الحكّة الجلدية، وهو ما يحمل الأمل لملايين المرضى الذين يعانون من الإكزيما وغيرها من الحالات الجلدية”.
كما نجح باحثون دوليون في الكشف عن التحولات الجينية المسؤولة عن “حكة الجلد”، والتي تعد واحدة من أشهر الاضطرابات الجلدية التي تنتشر بين الناس.
وأوضح فريق البحث الذي ضم باحثين من جامعة “كينغزكوليج- لندن” البريطانية، بالإضافة إلى مختصين في مجال الأمراض الجلدية في كل من البرازيل واليابان وجنوب أفريقيا، بأن حكة الجلد لا تزال تعد من “الألغاز” الطبية، إذ تعتبر من الاضطرابات الجلدية التي يشوبها الغموض، حيث يجهل المختصون الكثير من المعلومات الأساسية حولها والضرورية لفهم هذا الاضطراب.
استخدام المرطبات بصورة مستمرة، لتفادي تقشف الجلد والحكة، مع ضرورة علاج المرض الأصلي الذي تعد الحكة عرضا له
واستنادا لما نشر حول هذا الموضوع في الدورية الأميركية لعلم الوراثة البشري فقد تبين أن التحولات الجينية التي ترتبط بمستقبلات خلايا الجلد من النوع “أو أس أم آر-بيتا” هي التي تتسبب في هذا الاضطراب الجلدي.
وأفادت الدراسة التي مولتها هيئة العمل الخيري للبحوث الطبية في المملكة المتحدة بأن خلايا الجلد التي تمتلك نسخة متحولة من مورثة “أو أس أم آر”، والتي تستجيب بشكل مختلف تجاه استثارة جزيئات السايتوكينز المفروزة من قبل الخلايا المناعية التائية وبالتحديد جزيئات “أونكوستاتين” و“انترليوكين- 31”، تفشل في تنشيط المورثات المسؤولة عن إنتاج المواد المضادة للاحتقان في الجسم، ما يؤدي إلى معاناة الشخص من حكة في الجلد. وأكد أحد اختصاصيي الهيئة الدكتور يولاند هارلي أن هذا الإنجاز سيمكن من إلقاء الضوء على مناطق جديدة للبحث في هذا المجال، نظرا لأنه يكشف ولأول مرة عن شذوذ جيني يتسبب بشكل مباشر في إصابة الأفراد بحكة الجلد.
يذكر أن اضطراب حكة الجلد يؤدي إلى شعور الفرد بعدم الراحة في مناطق من الجلد فيحس بالحك، إذ يعاني من احمرار وجفاف فيه كما قد تظهر القروح في المناطق المتأثرة. ومن المحتمل أن يصيب ذلك مناطق محدودة مثل الساق والذراع كما يمكن أن يمتد ذلك ليشمل سائر أنحاء الجسم.
وأفادت دراسة أميركية أصدرها المركز الطبي بجامعة نيويورك أن رسم الوشوم يؤدي إلى ظهور حكة الجلد، حيث إن 6 بالمئة من الشباب الذين حصلوا على وشوم في نيويورك تعرضوا إلى ظهور طفح جلدي وتورم مستمر لفترة تفوق أربعة أشهر، ومن الممكن أن تستمر لسنوات.
كما يمكن للتوتر والاكتئاب والضغط النفسي أن يسببوا حكة الجلد، كما أن الضغط النفسي يمكن أن يزيد من سوء حالة الحكة، ويسبب جفاف البشرة من الخدش المستمر، ومن الأمور الأخرى الشائعة التي تسبب الحكة هي حروق الشمس.
وأكد المختصون أن الحكة التي تعم جميع أجزاء الجسم يصعب معالجتها مقارنة بالحكة الموضعية، كما يمكن للحكة أن تحدث مع ظهور تقرحات على الجلد، أو دون ظهور أي تقرحات، وتختلف الأعراض التي تظهر مرافقة للحكة باختلاف السبب، ولكن معظم الأعراض الشائعة التي ترافقها هي: التقرحات والحبوب والانتفاخات واحمرار في المنطقة المصابة، كما يمكن أن تصاب المنطقة المتعرضة للحكة بالجفاف وظهور تشققات في الجلد، وأما بالنسبة للحكة التي تشمل الجسم بالكامل فهي تعتبر نادرة، وفي الغالب تكون بسبب حالة صحية مزمنة مثل أمراض الكبد.
جريدة البشاير