تحقيقات وتقارير

انتعاش مفاجئ : الفحم في رمضان.. اشتعال نيران المناقد

في السابق كان لا يخلو بيت من (لداية أو كانون) وجوال فحم (متكول) في ركن الحوش أو جوار المطبخ، لكن انصياعاً لمقتضى حال القرن الجديد انتشرت أسطوانات الغاز والهيترز وما دونها من مواقد أكثر حداثة من (الكوانين والمناقد) ما جعل الكساد يخيم على أسواق و(زرائب) الفحم.

وما فاقمه هو إقبال المواطنين على الغاز بكثافة حتى أنه اقتحم مطابخ القرى النائية، ولم يترك لـ (الكانون) رغم سطوته القديمة موطئاً تحمر فيه فحماته، ولذا صار الفحم لا يدخل المنازل إلاّ خلسةً ولأداء مهام صغيرة لا ترقى إلى الذكر، لكنه في شهر رمضان درج على العودة لمنافسة الغاز مجدداً مما ينعش أسواقه بعد بوار طويل.

تاريخ ناصع

يرى الأمين حسام وهو تاجر فحم بأبوزيد، أن الفحم وإلى وقت قريب كان يمثل محوراً مهماً في الحياة العامة لدى السواد الأعظم من السكان في المدن والقرى والبادية، ولأن الجميع حسب الأمين كانوا يتساوون في استخدامهم له باعتباره الوسيلة الوحيدة المستخدمة آنذاك في الطهي وكي الملابس وغيرها من الاستخدامات المتعددة، لكن ومع بداية القرن الحالي، شهدت الحياة تطوراً غير مسبوق في كافة أوجهها وأصعدتها، إذ ظهرت أسطوانات الغاز في كل مكان بعد أن كانت حكراً على أهل المدن، فعرفها سكان القرى وفي الأصقاع النائية، ولهذا تلقى الفحم الضربة القاضية التي أخرجته من داخل كل المطابخ بعد أن استعاض عنه الناس بالغاز ومولدات الطاقة الأخرى لتفوقها عليه بالكثير من الخصال الجيدة منها قلة التكلفة والسرعة في إنجاز مهام الطهي وتكلفتها المادية القليل. ويضيف حسام أن كان السكان في القرى والأرياف لجأوا للغاز، فإن سكان المدن استخدموا الكهرباء التي أصبحت في متناول يد الجميع وأصبحوا يستخدمونها في الطهي وكي الملابس والتدفئة وخفت نجم الفحم واتجه صناعه لمهن وحرف أخرى بعد تمسكهم به سنوات طويلة رغم الملاحقات التي كانت تحاصرهم بها الجهات الرسمية.

الممنوع مرغوب

كان الفحامة يتعرضون لمطاردات عنيفة من قبل الجهات المسؤولة عن حماية الغابات من لمنعهم من قطع الأشجار وحرقها، إلا أن هذه المطاردات كانت تزيدهم إصراراً وعزيمة، مما جعلهم يتفننون في وسائل قطع الأشجار وإعداد الفحم وتسويقه، ولهذا كانت متوافرا وأسعاره في متناول يد الجميع بحسب الأمين حسام، لكن ظهور البدائل مثل الغاز والكهرباء، أنهت هيمنة الفحم على المواقد وجعلت (الفحامة) يتراجعون من تلقاء أنفسهم عن الاحتطاب ويتجهون للتعدين الذين لم يخطف أيدي (الفحامة) وحدهم بل جعل المزارعين يهجرون مزارعهم والرعاة يتركون حيواناتهم في مرابطها ويقصدونه.

الشرق على الخط

طيلة السنوات الماضية كانت الولايات الجنوبية تمثل أفضل المناطق التي توفر الفحم لبقية مناطق السودان الأخرى، كما أفاد مصطفى أحمد، الذي قال بعد الانفصال أصبحت مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق وبعض المناطق بشرق السودان تمثل أهم مصدر للفحم. وأضاف مصطفى أن الفحم الوارد من جنوب كردفان يتوقف في فترة الخريف ويبقى الأمل على المناطق الأخرى وخاصة الشرقية.

السعر حسب الموسم

رغم أن الخريف يتسبب في ندرة الفحم، لكن أسعاره لا ترتفع كما يحدث في شهر رمضان وعيد الأضحى، كما أوضح مصطفى أحمد، الذي قال إن الأسعار تتضاعف في الموسمين المذكورين لكثرة الإقبال عليه، حيث يتراوح سعر الجوال هذه الأيام ما بين 290 إلى 350 جنيها وسعر الملوة (30) جنيها والصفيحة (80) جنيها، واعتبر مصطفى أن فحم الطلح هو أفضل الأنواع يأتي بعده الكتر، ومن ثم هناك نوعان آخران يسميان العربي والمسكيت يتم استجلابهما من شرق السودان.

منع التصدير

ويكشف (م،ع) – تاجر فحم – عن أن الفحم حتى وقت قريب كان يصدر إلى خارج السودان لعدد من الدول منها سوريا والأردن ودول أخرى، لكن فجأة توقف التصدير لسببين كما ذكر (م،ع)، أولهما أن التصدير يشجع على قطع وحرق الغابات، والثاني أن الفحم أصبح يصل إلى دول معادية للسودان شرعت في استخدامه في الأغراض العسكرية مثل المتفجرات وبقية الأسلحة، ولهذا أوقف تصديره فوراً

 

 

اليوم التالي