بلد خلاء
:: هي من قضايا البلد الإستراتيجية كما السلام والاستقرار السياسي، ولكنها للأسف لا تجد حظاً في النقاش.. مجرد رقم يتم ذكره عند اللزوم السياسي، وليس بغرض الدراسة ثم المعالجة.. الدكتور يس الحاج عابدين، مدير عام الجهاز المركزي للإحصاء، يُؤكد أن ملامح ونتائج التعداد السكاني الخامس (2008) تشير إلى أن الكثافة السكانية بالبلاد لن تتجاوز (38 مليون نسمة)، خلال السنوات الثلاث القادمة، أي عند موعد التعداد السكاني السادس (2018).. فالكثافة المرتقبة أقل من كثافة سودان ما قبل انفصال جنوب السودان، وكانت (39.154.490 نسمة).
:: والأزمة هنا في تلك (الأرقام الهزيلة) والتي لا تتناسب مع مساحة البلد.. نعم، حتى ولو بلغت الكثافة السكانية في التعداد السكاني المرتقب (40 مليون نسمة)، فإن هذا الرقم – في إطار مساحة السودان – يؤكد أن السودان كان ولا يزال وسيظل يعاني من أزمة الفقر السكاني وآثارها الاقتصادية والاجتماعية.. ولذلك، منذ عقود، ينبه العلماء والخبراء بأن السودان بمساحته الشاسعة – أو المترامية الأطراف كما نحب وصفه رغم انفصال الجنوب – بحاجة ماسة إلى أن يرتفع معدل النمو السكاني فيه (أضعافاً وأضعافاً)، حتى يتيسر لهم إدارة موارده واستغلالها بشكل أفضل.
:: الكثافة السكانية وعلاقتها بالنمو الاقتصادي من القضايا التي لم تؤرق مضاجع نخبنا الحاكمة منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا.. وفي عهد حكومة نميري، همست بعض المنابر بدراسة أشارت إلى أن بلادنا بحاجة إلى (200 مليون نسمة)، لتكون قادرة على إدارة واستغلال مواردها الاقتصادية، أرضاً كانت أو وما فوقها وتحتها.. ثم اختفت هذه الدراسة ولم تعد شيئاً مذكوراً ولو من باب التنبيه إلى مخاطر (الفقر السكاني).. فالنمو السكاني، في وضع سياسي مستقر، من أهم عوامل التنمية وارتفاع معدل الدخل القومي.. زيادة السكان – في المناخ السياسي المستقر طبعاً – تعني زيادة المعرفة والعلوم والإنتاج.
:: والسلام والاستقرار والإنتاج وغرس ركائز الحياة الكريمة للشعب – أي شعب – يعد من أهم الوسائل التي تحقق غاية النمو السكاني.. ومن بعد ذلك، أي بعد الاستقرار، تأتي وسيلة الهجرة التي تتبعها أمريكا ودول غربية أخرى بين الحين والآخر.. ولا يذهب بك الظن بأن اللوتري واللجوء وغيرها من المنافذ يفتحها العالم الأول حبا لعيون العالم الثالث العسلية.. لا، فالعالم الأول يفعل ذلك وفقا لدراسات معدة سلفا، وقد درست وبحثت وتوصلت إلى نتيجة مفادها: ضعف النمو السكاني يؤثر سلبا في مجمل مناحي الحياة.
:: هكذا هم.. يخططون ويجمعون البشر من كل بقاع الأرض بمعايير العرق والثقافة والأعمار لنهضة دولهم.. ولكن نخب عالمنا الثالث والأخير – والحمد لله على كل حال – لا تخطط إلا للحرب والفقر والشتات والتهجير والتغريب والمنافي.. ولذلك لا تبارح كثافتنا تلك الأرقام الهزيلة في مساحة تعادل مساحات ثلاث أو خمس دول.. دع عنك تنمية موارد بلدهم واستغلالها وإداراتها، بل حتى لو تم توزيع الكثافة المرتقبة في التعداد القادم – 38 مليون نسمة – على حدود البلد لحراستها بالأمتار، لظلت أميال من الحدود بلا حراسة لنقص عدد الحرس المطلوب.. أوقفوا الحرب واستقروا سياسياً، وانتبهوا للمخاطر الكبرى بالانتباهة إلى القضايا الإستراتيجية.
الناس نسو العرس وخلو الولادة …الله يجازی النسا الناس العرس والولادة
الناس لاقية تاكل عشان تعرس