الباز .. الإبداع الحر..!!
:: رمضان العام 2011، كتبت بالنص.. أيام كارلوس في الخرطوم، سلسلة حلقات يكتبها صديقي وأستاذي عادل الباز منذ بداية هذا الشهر الفضيل.. وأجمل ما فيها هي ليست تلك الحقائق التي تكشف الكثير والمثير من حياة هذا (الإرهابي، البطل).. نعم كان ولا يزال – وسيظل – نشاط كارلوس يثير جدل الاختلاف في مجالس الناس ومنابر الإعلام، فالبعض يراه بطلا ونصيرا للضعفاء، بيد أن البعض الآخر يراه إرهابيا يسفك دماء الأبرياء.. فالأخ الباز لم يجتهد في كشف تفاصيل حياة كارلوس بالخرطوم فقط، بل اجتهد في سرد تلك التفاصيل بلغة مبدعة وأسلوب سرد لا يتوفر إلا في مخيلة المبدعين.
:: وكثيرون هم الذين يكتبون مذكراتهم، أو يكتبون لهم سيرتهم الذاتية، ولكن قليلة تلك الكتابات التي تجد رواجا وطعما عند القارئ، لأنهم يكتبونها بلغة جامدة، بحيث مفرداتها توشك أن تكسر أسنان القارئ، هذا غير استخدامهم لأسلوب يرهق ذهن المتلقي.. ولكن الباز تفوق في تجاوز تلك العقبة بعرض أيام كارلوس في الخرطوم ببسلاسة ورشاقة.. وليس في الأمر عجب، فالباز من القلائل الذين دخلوا عالم الصحافة من باب (الأدب)، ولذلك من الطبيعي جدا أن تختلف لغته عن لغة فيالق أقلام وأحبار دخلت إلى ذات العالم من باب (قلة الأدب)، أو كما كان يصفهم أستاذنا الراحل حسن مختار، طيب الله ثراه.
:: وفي ذاك العام، في رمضان العام 2011، ناشدت الأخ الباز بأن لا تنتهي أيام كارلوس بالخرطوم بنهاية الحلقة الأخيرة في أخيرة الأحداث.. بل يجب أن تجد هذه الحلقات الرائعة طريقاً إلى المكتبات ثم السينما أو الفضائيات.. وقلت – متأسفاً – هذا لن يحدث، وكنت أختم كل حلقة من حلقات الباز بتحسر مفاده: (بالله هسة القصة دي فرقها شنو من رأفت الهجان؟).. لا فرق من حيث صدق الحدث وجودة السرد وروعة التفاصيل.. ولكن هناك ألف فرق وفرق بين عادل الباز والراحل أسامة أنور عكاشة من حيث الكسل والحياء والتواضع الذي هو أقرب إلى عدم اعتراف المرء بموهبته.
:: ولكن، بفضل الله ثم بجهد مقدر، في رمضان هذا العام، أي بعد خمس سنوات من الإعجاب والمناشدة، خيَّب الأخ عادل الباز ظني وكافح الكسل والحياء وانتقل بأيام كارلوس في الخرطوم من صحيفتي (الأحداث) و(اليوم التالي) إلى المكتبات عبر دار العين للنشر.. (رواية شحمانة)، أي دسمة بالمعلومات والوقائع والشخوص والأمكنة ثم (السرد الممتع).. واحتفاظي بقصاصات صحيفة الأحداث ثم الاستمتاع بحلقات أيام كارلوس في الخرطوم بين الحين والآخر منذ عام النشر لن يحول بيني والاستمتاع بالكتاب.. بعض الشكر للأخ الباز على هذا الإبداع، وكل الشكر بعد أن ينتقل بالرواية من الكتاب إلى عوالم السينما والفضائيات.
:: ونأمل أن يحرض الباز بأيام كارلوس في الخرطوم آخرين ليكتبوا مثل هذه الروايات التي تجمع بين (المتعة والواقع).. أحداث دارفور وما فيها من تفاصيل، صراع الهوية، انفصال الجنوب، سنوات نميري، أكتوبر وأبريل، بيت الضيافة، عنبر جودة، حياة وإعدام الأستاذ محمود محمد طه، سنوات بن لادن في الخرطوم، اغتيال الحكيم، و..غيرها.. أحداث مرت بواقع حياة الناس والبلد، ولكنها في طي رمال (الكسل والحياء).. نعم، لا تنقصنا المواجع والفواجع التي تصلح للتوثيق (الروائي والدرامي).. ولا تنقصنا إشراقات تاريخنا الوطني.. ولا ينقصنا الذين يتقنون فن السرد والسيناريو كما الباز.. ولا ينقصنا الذين يجيدون فن الإخراج.. والهواء الطلق خارج البلاد يسع (الإبداع الحر).
هل تقصد بحلقات أيام كارلوس في الخرطوم فهو مسلسل خارج عن النص السوداني فلا تشكر الشكر للأخ الباز على هذا الإبداع، فهي منتهي قلة الادب وشئ سوف يحاسب علية الباز يوم القيامة وخاصة الحلقة ٣: الفرنسيون يطلبوا مساعدة الترابي وكارلوس يشعر بالضياع انظر اليوتوب
حقاً روااية اكثر من رائعة ويكمن سر الجمال في سرد الاستاذ الباز وهو سيناريو لعمل دراما ضخم