ضياء الدين بلال

(الرزم) شجاع ونزيه!


خطوة تعيين مولانا أحمد الرزم وكيلاً لوزارة العدل، لها ما بعدها. لا أقول ذلك من باب الأماني ولا المعرفة الشخصية، ولا الشماتة في الوكيل السابق عصام عبد القادر.
سأخبركم من هو الرزم؟ وماذا فعل؟
تذكرون قضية مستشار وزارة العدل، الرجل الثالث في الوزارة، التي أثرْتُها قبل ثلاث سنوات، وتحولت لقضية رأي عام.
في سابقة تُعدُّ الأولى في تاريخ الصحافة السودانية، رفضت وقتذاك كل الصحف قراراً صادراً من وزارة العدل، بإيقاف النشر في قضية المستشار.
تحت الضغط الإعلامي المتواصل، تم إخضاع المستشار لتحقيق صوري، شُكِّلت له لجنة من مستشارين في قائمة أصدقائه، أقل منه في الدرجة الوظيفية.
رفضت وقتها المثول أمام اللجنة وتمليكها ما لديَّ من وثائق، طاعناً في أهليَّتها، وكما كان متوقعاً أخرجتِ اللجنة قراراتٍ مدغمسة.
وجَّه اثنان من اللجنة بتقديم المستشار للمحكمة، واعترض على ذلك واحد!
والغريب والمثير للريبة، أن وزير العدل شخصياً، عقد مؤتمراً صحفياً، أعلن فيه براءة المستشار من التهم الجنائية، واتهامه بمخالفة إدارية واحدة على الخفيف!
ولم يذكر الوزير في مؤتمره الذي وُزِّعت فيه الحلوى، وذُبِحَ فيه ثور على باب الوزارة الأنيقة، وأُطلقت الزغاريد داخل مباني الزجاج؛ لم يذكر أن اثنين من أعضاء اللجنة وجَّها بإحالة الملف للمحكمة!
وعندما هاجمنا ما جاء في مؤتمر وزير العدل، وكشفنا المغالطات والمفارقات، ووصفنا ما حدث بآخر فصول مسرحية شارلي شابلن؛ تدخلت جهات سياسية، وفرضت على الوزير نقل ملف التحقيق للجنة قضائية من قضاة كبار في المحكمة العليا، منهم رئيس القضاء الحالي مولانا دكتور حيدر دفع الله.
اللجنة استمعت لي، ولم تستمع للشهود، وأحالت الملف مرة أخرى لوزير العدل، دون أن تقطع برأي واضح يبرئ أو يتهم.
لم نصمت، علَّقنا على قرار اللجنة، وتحدثت الصحف بالصور والوثائق عن ممتلكات المستشار، وقدمت معلومات جديدة في القضية.
تحت الضغط الإعلامي المتواصل، وعدم الاستسلام لقرارات اللجان، وربما بتدخل من جهة سيادية عليا، تم اختيار مستشار كبير بوزارة العدل يُدعى أحمد الرزم لفتح التحقيق من جديد.
الرجل كان شجاعاً إلى حد مُبهر، فهو على غير بقية اللجان السابقة، استمع لي، ولكل الشهود وللمستشار، الذي كتب مرافعة خطية بيده وجاء بشهوده.
رغم السند القوي الذي كان يجده المستشار المتهم من الوزير والوكيل، أكمل الرزم التحقيق بكل نزاهة وتجرد، وأخرج تقريراً ضافياً خالياً من اللبس والغموض.
تقرير الرزم وجَّه 6 تهم جنائية في حق المستشار!
لذا حينما سمعت خبر تعيين مولانا أحمد الرزم وكيلاً لوزارة العدل، شعرت بجدية الحكومة في إصلاح الوزارة، ووضعها في الطريق الصحيح، باختيارها رجلاً شجاعاً ونزيهاً.
نعم، محاربة الفساد يجب أن تبدأ من وزارة العدل.
وإذا كان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد، فإن في الدولة مضغة، إذا صلحت صلح كل عمل الدولة واستقام على جادة الخير والعدل، وهذه المضغة هي وزارة العدل، منها يبدأ الإصلاح ويعتدل العود، حتى يستقيم الظل.


تعليق واحد