فدوى موسى

حد الأفلاس!


لمفلسون الذين لا يحتاج وضعهم للإعلان يملأون المكان من حولنا.. فمنهم من تتضطرك الظروف لمجاراة افلاسهم بافلاس وضحالتهم بصالحة.. واليقين انهم يظنون وكثير الظن أثم أنهم هم النيرون دون سواهم والمطلعون على خبايا الخبايا.. حتى تتجلى مواقف بعينها تدليلاً أنهم خارج الحلية وخارج بؤرة التداول.. (عبدو) الذي يتخذه أهل الحي للتندر والاضحاك تتملكه منذ الصغر «مرضة الأهية» حتى أنهم حين كانوا تلاميذ كانوا ينادونه في المدرسة «بروف عبدو» لشدة ما كان يتلبس حالة الأهمية والتميز دون أقرانه و«المعلمون» بالمدرسة كان ينظرون لحالته باعتبارها حالة مضحكة دون أنه يثبروا غورها أو يحاولوا التعمق في ابعادها الكلية لمعرفة اذا ما كان ذلك نوعاً من الانحراف القابل للعودة أم أنه فارق حد المرونة.. كلما كبر (عبدو) كانت الحالة تكبر معه تأخذ أبعاداً أخرى اضافية وتتجذر داخل نفسه وفي سن الشباب الزاهر.. أصبح (عبدو) موضوعاً للحسان محتوي الكلام والأنس فكلما صادف أحدهن تفتقت عبقريته على صورة ذهنية لنفسه قصدها… ولأنه كان لماحاً كان يعرف ما تهوي نفس كل واحدة منهن.. التي يحس أنها تهوي السموات العالية كان يحلق بها في ذلك الفضاء فانه كانت متطلعة حمل خيالها على ركوب الأجواء وأن كانت تقليدية تهوي «النظرة البيتية» حملها على الاعتقاد أنه ذلك الرجل الكلاسيكي المتقيد بالحدود النموذج الوفي للاجداد والحبوبات.. وأن كانت بين تلك المنازل حملها على فكرة نضوج نموذجية ما بين الآن والأمس.. فكان كل واحدة منهن تعتقد وتجزم انها هي المرغوبة والمطلوبة عند (عبدو) وتتحاشى أن تثير حفيظة الأخريات حتى تتفادى تداعيات ذلك بينهن.. فكن حين يخبين عن بعضهن ما قاله (عبدو) لكل واحدة منهن انها هي المنتصرة والباقية في سويداء فؤاده.. ورغم انه لم يكمل تعليمه ولم يكن يملك مالاً الا ان افلاسه تلك وحوجتهن لدغدغة المشاعر والاحساس بانهن مرغوب فيهن.. وإفلاس (عبدو) وفلاسهن مدعاة لاستمرار تلك الحالة بينهم وبيهن.
٭ آخر الكلام
ليس (عبدو) ومجموعة تلك النسوة هم المفلسون كثيرون الذين يعانون ذات الحالة.. والافظع من ذلك انه تكتشف أن هناك حالة افلاس عامة.
مع محبتي