نصدِّق وزير الكهرباء أم نكذِّب المواطنين!!
قبل أن يحل علينا شهر رمضان المعظم صرح وزير الكهرباء المهندس “معتز موسى” بأن لا قطوعات للكهرباء خلال شهر رمضان وها هو شهر رمضان يكاد أن ينقضي والكهرباء يومياً قاطعة في كل مدن الولاية، ولا نستثني حتى الأحياء الراقية كافوري والمنشية والطائف، وهذا يؤكد أن وزير الكهرباء لم يكن صادقاً مع مواطنيه، وبالأمس لجأ السيد الوزير ليصرح من جديد قائلاً لن تكون هناك قطوعات للكهرباء خلال فصل الخريف، والسيد الوزير لا يعلم أن الخريف في ولاية الخرطوم ومنذ سنين عاماً يبدأ يوم 1/7 وهو اليوم الذي كانت تبدأ فيه الدراسة بكل ولاية الخرطوم، وفي هذا اليوم تهطل الأمطار منذ الصباح الباكر، فأما أن يكون التلاميذ قد وصلوا إلى مدارسهم أو (دقتهم) في الطريق وهم أطفال صغار، فيا سيادة الوزير الخريف بدأ، والصيف نار جهنم، والكهرباء يومياً قاطعة من المنازل والمحال التجارية وورش الحدادة والنجارة وفي معظم أسواق ولاية الخرطوم.
ولنؤكد للسيد الوزير وأنا شاهد على انقطاع الكهرباء بمدينة الثورة منذ الثامنة صباحاً وحتى لحظة خروجي في الحادية عشر لم يعُد التيار الكهربائي، وربما يستمر القطع حتى السادسة مساءً أو السابعة فالهيئة القومية للكهرباء أو الوزارة لم تكُن صادقة مع المواطنين، ينبغي أن يعلم المواطن المسكين أن هناك برمجة معلنة تبدأ في أحياء الثورات، أمبدات، الفتيحاب، الرياض، الطائف، وتحدد فترة القطوعات حتى يعلم المواطن أن هناك قطوعات مبرمجة فيكيّف نفسه مع هذا القطع إلى أن يأذن الله في أمر الوزارة وفي المواطن الذي شكا لطوب الأرض من تلك القطوعات. اتصل بي صباحاً صاحب مصنع ثلج حلف بالله أن الكهرباء بمصنعه ظلت في حالة انقطاع دائم منذ الثالث من مارس الماضي يومياً من الثامنة صباحاً وحتى الحادية عشر مساءً، وأحياناً حتى الواحدة صباحاً.. فتساءل ما فائدة الكهرباء عندما تأتي في ذلك الوقت؟ صب جام غضبه على الوزارة ولم يسلم السيد الوزير من عباراته الحادة قائلاً: لقد تلفت أعصابنا والسيد الوزير كل يوم يتحجج بحجة.
لقد شهدت الكهرباء طوال الفترة الماضية قبل أن يجري التعديل الوزاري أو تشكيل الحكومة الجديدة استقراراً لفترة طويلة من الزمن حتى نسى المواطن تلك القطوعات المستفزة والتي تدفعه دفعاً للخروج إلى الشارع. وعندما تأتي يهتف الصبية بتلك النغمة المحببة لهم وهم يرقصون الكهرباء جاءت أملوا الباقات. لا ندري لماذا هذا التردي خلال تلك الفترة الوجيزة.. لقد قامت الدولة بتعلية خزان الروصيرص وهو يساعد في توفير كهرباء زيادة وأنشأنا سد مروي، وقلنا سوف نصدر ما تبقى إلى جمهورية مصر العربية، وأقمنا ترعتي كنانة والرهد، كلها يمكن أن تساهم في حل مشكلة الكهرباء، ولكن لا ندري أين تكمن تلك المشكلة وهل من أصابع خفية تريد أن تحرك الجمهور أم أن الوزير عجز عن الحل أفتونا يا أهل الحل.
قصة الكهرباء ……. نموذج لازمة وطن
بدأ التدهور الفعلي في الكهرباء في اكتوبر 2009 حيث تمت إقالة المهندس مكاوي محمد عوض من منصبه كمدير عام للهيئة القومية للكهرباء إثر اعتراضه على أسامه عبدالله مدير وحدة تنفيذ السدود الذي تجاهل قضايا ذات طابع فني لادخال كهرباء السد في الشبكة القومية – لاحظو ان اسامة لا يملك مؤهل جامعي ناهيك عن ان يكون متخصصا في الكهرباء مثل المندس مكاوي- وقد قامت الهيئة القوميه للكهرباء بانتداب خيرة مهندسيها في مجال التوليد المائي ونقل الكهرباء للعمل في مشروع سد مروي منذ بدايته وكان لهم إسهام كبير في المشروع.
إقالة المهندس مكاوي تعكس حالة عدم المؤسسيه في الدولة حيث قام الرئيس بمحاباة أسامه على حساب مصلحة الوطن والمواطن ولا عجب فهي آخر مايفكر فيه البشير وزمرته.
بعد اقالة المهندس مكاوي تم تكوين وزارة الكهرباء والسدود وتم تعيين أسامه عبدالله وزيرا لها وتم تقسيم الهيئة القومية للكهرباء لخمس شركات تتبع للوزارة وهي الشركة السودانية للتوليد المائي والشركة السودانية للتوليد الحراري شركة كهرباء سد مروي والشركة السودانية لنقل الكهرباء والشركة السودانية لتوزيع الكهرباء .
هذا التقسيم لم يتم بصورة علمية فكانت النتيجه تضخم في العمالة بشكل مهول وتم فتح تعاقدات مخالفة لقانون الخدمة المدنية وبالمقابل تم فتح باب التقاعد الطوعي لحث الكفاءات على الخروج من الوزارة حيث ان الوزير كان يشعر بكراهية شديدة لمنسوبي الهيئة القومية للكهرباء على اثر خلافاته مع المهندس مكاوي.
في أثناء ذلك قام أسامه بتعيين زمرته الغير مؤهله (كحاله هو) في المناصب الحساسة في الوزارة والشركات ومن هنا بدأ الخراب والتدمير الممنهج فبدأ نزيف الكفاءات ذات التأهيل العالي التي اجتهد في بنائها وتأهيلها المهندس مكاوي والتي لم تستطع العمل تحت هؤلاء الجهلة والفاسدين فآثرت الهجرة والاغتراب.
أما من النواحي الفنية فقد أتى اسامه بوهم كبير اسمه محاربة التوليد الحراري لان كلفته عالية مع انه من المعلوم ان التوليد المائي توليد موسمي ومحدود حيث أنه لن يستطيع مقابلة الطلب المتزايد للكهرباء فلا بد من تشغيل المحطات الحرارية لتغطية الطلب وانشاء محطات حرارية جديده لتغطية الطلب مستقبلا ، لكن الوزير الفاقد التربوي قام بايقاف اعمال الصيانة السنويه للمحطات الحرارية وتدمير مشروع محطة الفولة وتجميد مشروع محطة البحر الاحمر اللذين كانا ضمن الخطة الربع قرنية ( 2005 – 2030 ) للمهندس مكاوي حيث تقتضي هذه الخطة توليد 20000 ميقاواط وربط السودان كاملا بشبكه قومية واحدة بنهاية 2030.
نتج عن الإجراءات السابقه توفير مؤقت لمبالغ طائلة قدمها اسامه للبشير قربانا لنيل الرضا الرئاسي والتملق والله وحده أعلم أين تم صرفها. ومع مرور الوقت وتنامي الطلب على الكهرباء في ظل عدم وجود مشاريع توليد لمقابلته وابتلاع الاستهلاك المتزايد لتوليد سد مروى ظهر العجز في التوليد مجددا وظهرت القطوعات المبرمجة بعد ان ودعها المواطنون منذ العام 2004 في عهد المهندس مكاوي.
تفاقم التدهور بعد انفصال الجنوب حيث بدأت هجرة كبيرة لمهندسي وزارة الكهرباء وذلك لضعف المرتبات وعدم قيام الوزارة الأغنى على الاطلاق بأي تحسين حقيقي في الاجور وعليه تدنت كفاءة العاملين الى الحضيض واستمر التدهور في عهد الوزير الحالي الذي حاله كسلفه لا علاقة له بالكهرباء ولسوء حظه ظهرت آثار الدمار الذي بدأ منذ العام 2009 في عهده من تنامي العجز في التوليد وظهور القطوعات المبرمجه.
خلاصة القول ان قصة الكهرباء نموذج صارخ لعاقبة تولية الأمر لغير أهله وتغليب المصلحة الخاصة على العامة والله المستعان..
الاخ حزين لم تقل الا الحق وجزاك الله خيرا …ريحتنا تماما