صفر.. صفر!
٭ هنا.. يجب أن تكون المحطة.. فالقطار ليس إلا ذلك القديم.. على قضبان أكل عليها الدهر وشرب.. مشاعر السفر القديم المتجدد..أناس قادمون وآخرون نازلون.. تبادل الصعود والهبوط، ما أصعب العمليتين صعوداً ونزولاً، الصافرة تستمر والقطار يواصل في سكته دوماً بلا توقف.. وحراكه يأكل محطات «صفر.. صفر» .. ولا أحد يقوى على هضم السفرية بيسر وسهولة حيث لازالت هناك عثرات للبغال ووعثاء للطريق.. فالناس فيك راحلون مادمت أنت راحلاً.. وهم مستقرون، وما دمت قد وصلت إلى محطتك.. محطتك تحفل بكل أطياف الظنون للقادم .. الفرد والجماعة السهل والقاسي.. القريب والبعيد وتظل المحطة الأخيرة هي زفرة راحة من أنفاس متقطعة الأوصال.. لأن محطات «صفر..صفر» عالقة بالمخلية والذاكرة.
٭ بيوت صامتة!
الصمت ليس بالضرورة عن الكلام المباح .. فربما صمتت حتى أصوات المياه النازلة من الحنفيات والمواسير.. بيوت كثيرة هي صامته لأن روحها صامتة.. أهلها في عداد أهل القبور الأحياء على سطح الأرض.. فربما سطحها أكثر سكوناً باطنها لهم ولكنهم متحركون يأكلون ويشربون ويحلون في مقامات الدنيا يحملون مظاهر حية لقلوب ميتة .. ميتة القلب.. هي ميتة الحياة جميعها.. فمتى ما انتفضت الحياة على موات.. دبت في القلوب تنمية الروح، وعمرت البيوت وخرجت من عداداتها الصامتة إلى كترة الكلام بلا ملام.. أنظروا لماذا مازالت الكثير من البيوت صامتة.. هامدة وجامدة..
٭ لا تأخير!
هي مسطورة التفاصيل.. محددة الميقات مكاناً وزماناً.. ربما خيرها شر.. وشرها خير.. وعسى أن نكرها وهي لنا خيراً.. ما بين هذا وذاك.. مكاناً لرمادية الأقدار للعبور لأحد الجانبين أما للخير أو الشر.. وفي هذه المساحة المتداخلة تكمن تفاصلينا المخبوءة في ثنايا عقدة النفس الدفينة.. من أين لنا بمقاصد الإتيان أو الإدراك وكل الطرق قد تكون موصدة إلا من رقراقات جانبية.. إذن لا تأخير أن جئنا في مواقيت مختلفة تقدماً أو تأخراً.. ولكنا لسنا في مقام التحديد إن كان ذلك باكراً أو أبعد من ذلك لعل القدر يحدث أمراً أو لعل الله يريد عبرة.
٭ آخر الكلام: مسيرة قاطرة الحياة لا تحفل بكثرة مقات المحطات لأن الوصول عطفاً على البدء هو المسار المحدد لذلك.. علينا فقط أن نكون ركاباً محترمين ملتزمين بقطع التذاكر والنزول عند المحطة المحددة. مع محبتي للجميع.