أحاديث جديدة وأسرار في ذكرى مؤسس حركة (أنانيا2) القائد “قرنق”
في الثلاثين من يوليو من العام 2005م، الذي يصادف اليوم (الخميس)، فجع السودان بنبأ تحطم طائرة الدكتور “جون قرنق” إثر اصطدامها بجبال (الأماتونج)، وقد تسبب ذلك في وفاة الدكتور “قرنق” وستة من مرافقيه وسبعة من أفراد طاقم الطائرة الرئاسية اليوغندية، وذلك بعد ثلاثة أسابيع فقط من أداء القسم نائباً لرئيس الجمهورية. وكان “قرنق” في طريقة إلى الخرطوم بعد قضاء يومين في كمبالا التي ذهب إليها في زيارة خاطفة غير معلنة بعيداً عن البروتوكولات المعروفة في حالة “قرنق” الذي كان يشغل منصب النائب الأول لرئيس .. وعلى الرغم من مرور (10) أعوام على مقتل “قرنق”، وإعلان لجنة التحقيق التي كونت من عناصر محلية وإقليمية ودولية، إلا أن الغموض لا يزال يحيط بالحادثة، خاصة وأن اللجنة لم تجب بشفافية كاملة عن السؤال الرئيسي: هل اغتيل “قرنق”؟ أم أنه مات قضاء وقدراً؟؟
{ (الاثنين) و(الثلاثاء) الأسودان
بعد الحادثة، اندلعت أحداث مؤسفة عمت العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث وبعض الولايات، راح ضحيتها العشرات من المواطنين الشماليين الأبرياء نتيجة هجمات شنّها الجنوبيون الغاضبون على وفاة “قرنق”، حيث استمرت هذه الأحداث لعدة أيام، لكن أعنفها كان في يومي (الاثنين) و(الثلاثاء)، الأمر الذي دفع السلطات إلى فرض حظر التجوال، وتم نشر أعداد كبيرة من قوات الشرطة والجيش في شوارع المدن الثلاث، وعمت حالة من الحزن مرة بسبب وفاة “جون قرنق” الذي كان بمثابة ملهم للكثيرين من أبناء السودان الذين خرجوا لاستقباله بأعداد فاقت المليون شخص، ومرة أخرى بفقد العشرات من أبناء السودان الشماليين على أيدي أخوتهم الجنوبيين.
{ لجنة التحقيق
بعد انجلاء آثار الحادثة، شكّل رئيس الجمهورية “عمر حسن أحمد البشير” لجنة لتقصّي الحقائق حول حادثة وفاة نائبه “قرنق” بتاريخ 16 أغسطس 2005 تضم أعضاء من الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان التي كان يتزعمها “قرنق”، وبدأت اللجنة التحقيق في تحطّم الطائرة ومارست مهامها إلى أن أصدرت تقريرها المشترك مع اللجنة الدولية الذي أكدت فيه أن الحادث كان قضاء وقدراً بعد أن سردت الإجراءات كافة التي اتبعتها في تحليل الحادث سواء أكان فيما يتعلق بالطائرة الرئاسية التي دارت حولها الكثير من الشكوك أو بالطقم الفني للطائر وإلى غير ذلك من الأشياء المحيطة بالرحلة.
{ تقرير الجنة الدولية
استبعد تقرير اللجنة الدولية التي يرأسها الأمريكي “وينز جونس”، خبير الهيئة الوطنية للسلامة الجوية الأمريكية، وجود «نظرية مؤامرة» أو تخطيط لتحطم الطائرة أو عملية اغتيال، مشيراً إلى أن الجوانب الفنية تشكل العامل المباشر لسقوط الطائرة وتحطمها. وكشف التقرير عن أن الطائرة أقلعت من مطار عنتيبي وهي محملة بوقود «أكثر مما يجب». وكشف سفير السودان السابق لدى يوغندا ومقرر اللجنة الوطنية “سراج الدين حامد” أن الصندوق الأسود الذي أفرغ من محتوياته، وعلى مدى ساعتين وتسع وثلاثين دقيقة، أبان حقائق ومعلومات كثيرة عن الملابسات وما دار من حديث في الطائرة، وأنه «كان في غاية الوضوح»، كما كشف عن أن تحريات لجنة التحقيق أفادت أن الدكتور “قرنق” كان يخطط لدى وصوله إلى كمبالا أن يتجه إلى نيروبي بدلاً عن عنتيبي، ولكنه في آخر لحظة قرر الاتجاه إلى نيوسايت في الجنوب، وقال: «لا يعرف أحد على وجه اليقين ما وراء هذا القرار أو التغيير».
{ “قرنق” و”سامورا ميشيل”
للإجابة عن السؤال الذي ورد في صدر هذا التقرير ويجيء بمناسبة مرور (10) أعوام على ذكرى وفاة الزعيم “جون قرنق”، يقول الدكتور الخبير في العلاقات الدولية والإستراتيجية “ناصر السيد” لـ(المجهر) إن “جون قرنق” عندما حضر للسودان ووجد هذا العدد الكبير من الشعب السوداني في استقباله بدأ يغير الكثير من أفكاره التي كان يؤمن بها وهي دعمه لإسرائيل التي احتضنته ورعته وقدمت له كل ما يريد.. ويمضي الدكتور “ناصر السيد” ويقول إن “جون قرنق” سئل في السودان عن موقفه من القضية الفلسطينية، وأين يقف هو منها، فأجاب إنه (يقبل بما يقبل به الشعب الفلسطيني). ويروي “ناصر” أن هذا الحديث كان في وجود “سوزان رايس” التي نحت بـ”قرنق” جانباً وقالت له: (كيف تقول هذا الحديث بشأن القضية الفلسطينية؟)، فأجابها بقوله إنه الآن نائب رئيس جمهورية السودان.
ويمضي “السيد” إلى القول إن “جون قرنق” حدثت له تحولات كثيرة في أفكاره ومبادئه.. وحول ذهاب “قرنق” إلى يوغندا يؤكد “ناصر السيد” أن “قرنق” قبل أن يسافر إلى كمبالا جمع كل القادة السياسيين والعسكريين لحركته وذهب بهم إلى نيروبي وتركهم هناك يتداولون حول برنامج سياسي للحركة الشعبية. ويكشف “ناصر” عن أن “جون قرنق” كان ينوي عزل جميع القيادات السياسية واستبدالهم بقادة عسكريين لتنفيذ التوجهات الجديدة التي وضعها وبموجبها تغيرت أفكاره حول الكثير من القضايا.
ويواصل “ناصر السيد” روايته قائلاً إن “جون قرنق” ترك قياداته مجتمعة في نيروبي وتوجه إلى كمبالا ليجتمع بصديقه “موسفيني” وممثلين لسفارات (إسرائيل ـ أمريكا ـ بريطانيا) الذين وجهوا له انتقادات عنيفة بشأن مواقفه الأخيرة التي أبداها تجاه القضية الفلسطينية.. ويدعم “ناصر” فرضية مقتل “جون قرنق” لعدة اعتبارات منها مواقفه بشأن القضية الفلسطينية، بجانب أنه بات يمثل بعبعاً لـ”موسفيني” وحليفتيه (إسرائيل، وأمريكا)، بجانب أن “قرنق” كان رجلاً وحدوياً وكان يمكن أن يفوز برئاسة السودان إذا ترشح، وهذا ما يرفضه “موسفيني” الذي له أطماع في المنطقة. وفتح “ناصر السيد” الشكوك حول الطائرة التي استقلها “قرنق” التي قيل إنها عادت من رحلة صيانة في روسيا إلا أنها لم تتم صيانتها، وعدّ المتهم الأول في مقتل “قرنق” هو “موسفيني”.. ويختم “ناصر السيد” قائلاً إن حادثة مقتل “قرنق” لم تكن هي الوحيدة في القارة الأفريقية التي تحوم حولها شبهة المؤامرة، ويشبهها بحادثة طائرة قائد حركة التحرير الموزمبيقية “سامورا ميشيل” الذي اغتيل بذات الطريقة التي اغتيل بها “قرنق”.
{ نظرية تفكيك السودان
طرحت (المجهر) السؤال: هل مات “قرنق” أم اغتيل غدراً؟ على الخبير الأمني العميد أمن “حسن بيومي” الذي لم يذهب بعيداً عن تفسيرات الدكتور “ناصر السيد”، وقال إن “قرنق” كان رجلاً وحدوياً، وإذا ترشح لرئاسة السودان كان سيفوز على كل منافسيه. ويمضي “بيومي” إلى القول إن هناك جهات لا تريد للسودان أن يتحد، بل إنها تريد تفكيكه إلى دويلات، وهي إسرائيل على وجه الدقة التي تحدثت صراحة أكثر من مرة عن نيتها تفكيك السودان إلى دويلات، لذلك عندما رأت أن مشروعها الرامي لتفكيك السودان سينهار على يد “قرنق” اغتالته.
ويوضح “بيومي” فرضيته تلك بالقول: (هذا ما حدث بالفعل.. عندما قتل “قرنق”، ظل المجال مفتوحاً أمام القيادات الجنوبية التي لا ترغب في وحدة مع الجنوب ووضعت يدها في يد دول الغرب أمريكا ومن خلفها إسرائيل لتفكيك السودان بداية بالجنوب، وهو ما تم بالفعل، حيث صارت إسرائيل على مقربة من حدود السودان بما يمكنها من تحقيق تطلعاتها).. وحول حادثة مقتل “قرنق” يشير “بيومي” إلى أن نقطة الضعف التي استغلتها إسرائيل هي الصداقة التي تجمع “موسفيني بقرنق”، ويسرد عدد من الشواهد ومن بينها سفر “قرنق” دون أي بروتوكولات (طائرة رئاسية ـ حراسة وتأمين) التي يعدّها عوامل مساعدة على تنفيذ المؤامرة.
{ شكوك
قبل تشكيل اللجنة الدولية أطلق الرئيس اليوغندي “يوري موسفيني” تصريحات فتحت الباب أمام كثير من الشكوك حول ما إذا كان “جون قرنق” توفي قضاء وقدراً أم مات مقتولاً نتيجة غدر من جهة ما، حيث قال “موسفيني” إنه لا يستبعد أن يكون هناك سبب آخر لتحطم طائرة “جون قرنق”. وأشار الرئيس اليوغندي أمام حشود من المعزين في منطقة “ياي” التي نقل إليها جثمان “قرنق” قبيل دفنه، أشار إلى أن المروحية قد تكون تحطمت بسبب خلل أو بفعل عامل خارجي، مبيناً أنه يأخذ جميع الاحتمالات بعين الاعتبار. وفي محاولة لإبعاد الشبهة عنه أكد رئيس يوغندا أن طائرة “قرنق” أعيد تزويدها بالوقود بشكل كامل في جنوب يوغندا بعد مغادرتها مزرعة “موسيفيني” بغرب البلاد في طريقها إلى مقر “قرنق” في نيوسايت جنوب السودان.
{ “ربيكا” على الخط
وكانت زوجة الراحل “ريبيكا قرنق” قد أعلنت بعد وفاة زوجها أنه قُتل، وأنها كانت تعلم بذلك منذ إعلامها بخبر وفاته، ولكنها التزمت الصمت بطلب من القيادة السياسية في “الحركة”، متهمة أطرافاً داخل الجنوب و”الحركة” نفسها بالضلوع في مقتله. وعادت “ربيكا” مرة أخرى وفاجأت الجميع في الاحتفال بالجامعة الكينية لتسلّم جائزة للراحل الدكتور “جون قرنق” حينما قالت: إن زوجها مات مقتولاً وإنها تعلم السر، وأومأت إلى إشارات قوية هزت من خلالها الأوضاع القائمة وأدخلت الشكوك ووضعت علامات الاستفهام، الشيء الذي استدعى البحث والتنقيب عن ذلك المصير الذي ذهب إليه ذلك المفكر والزعيم وعن صاحب المصلحة في قتله.
{ “أليو أجانق” والانسحاب
“أليو أجانق أليو” الذي كان يشغل منصب وزير الدولة بالداخلية والقيادي بالحركة الشعبية وعضو لجنة التحقيق، انسحب من لجنة التحقيق بعد مرور ثلاثة أشهر وأدلى حينها بتصريحات ناقدة للجنة، متهماً إياها بإهمال التفاصيل، وتجاهلها التحقيق مع أحد الضباط اليوغنديين الكبار، الذي رُصد إبان الحادثة وهو يسأل بإلحاح عن سير مروحية “قرنق”، واتهم “أليو أجانق” جيش بلاده، صراحة، بالتورط في اغتيال “قرنق”، ويشير إلى معرفة وزير الدفاع وقتها “إماما بابازي” بتفاصيل مقتل الزعيم الجنوبي، ويؤكد في مقولته المشهورة: (إن الرجل قتله الأقوياء ومن كان يعتقد أنهم أصدقاؤه)، في إشارة للرئيس اليوغندي “يوري موسفيني”. وعقب تلك التصريحات عزل “أليو” من منصبه في حكومة الوحدة حينها، وفصل من عضوية “الحركة الشعبية”، الأمر الذي يدل على وجود اتفاق دولي، إقليمي ومحلي، وآخر داخل “الشعبية” نفسها، على طي ملف الحادثة، لإخماد أية فتنة قد تنشأ، تعطل تطبيق اتفاقية السلام الشامل.
{ “مشار” يتهم يوغندا
في الذكرى التاسعة لوفاة “جون قرنق” خرج الدكتور “رياك مشار” ليسير على ذات الدرب الذي سارت عليه “ربيكا قرنق” ومن خلفها “أليو أجانق” وأعلن صراحة اتهامه ليوغندا بالتورط في اغتيال زعيم الحركة “جون قرنق”، عادّاً الغزو اليوغندي على الدولة الوليدة دليلاً واضحاً يؤكد تورطها في الاغتيال. وأشار “مشار” إلى أن (التدخل اليوغندي السافر في القتال الجنوبي الجنوبي، يعزز من شكوكهم بشأن تورط كمبالا في قتل “قرنق”) ويضيف إن (كمبالا التي تغزو الجنوب حالياً تخلصت سابقاً من “قرنق”)، ويوضح قائلاً: (صحيح أننا اطلعنا على نتائج لجنة التحقيق في الحادثة، إلا أنها لم تزل شكوكنا).
ولا زال السؤال قائماً رغم مضي كل تلك السنوات من موت “جون قرنق” وهو: هل مات “قرنق” أم اغتيل غدراً؟؟
المجهر السياسي
ذهب المتمرد الانفصالي إلى الجحيم غير مأسوف عليه وترك المغفلين النافعين من الشماليين كالمنبت.
لا تزعجونا بأخباره بالله عليكم.
ما فائد هذا الموضوع لنا كسودانين رجل لن يستفيد منه سوى الدمار والخراب ونهايته هى النهايه الطبيعية والمنطقية له ولامثاله
ربك.يستر