فدوى موسى

افراغ من المحتوى


كبيرة هي الطموحات والرؤى والأهداف والرسالة التي تسطرها مضابط الاستراتيجيات والخطط والبرامج التي يطرحها كل منِّظر ومخطط في كثير من المواقع والمؤسسات تسطيرات تحلق بك في عنان السماء ثم تهبط بك للأرض بمظلة معطوبة مقدودة مصنوعة في بلدان لا تجيد إلا حياكة الرخيص غيرالمجود لفساد بعض طالبيها، لتجد أنك كنت تحلق مع أحلام الكلام لواقع لا يحتمل إلا الحقائق المجردة والأعمال المثبتة.. البون بين التخطيط والواقع لا يكون إلا فروقات النور والظلام، أو حتى إن كان أقرب كثيراً فإنه بمثابة افراغ المحتوى من كل جواهر تحسها.. الإصرار على الكلام وترديد أنه قد كان تنفيذاً بحجم قارة أو ربما عالم.. والأصل أن الحالة توصف بأنها حالة افراغ المحتوى.. ترى هل تستمر هذه الوضعية مع كل إطلالة عام جديد، حيث تعاد حياكة الخطط والبرامج والأنشطة وتتقولب في قوالب الأوراق ومضابط الطباعة لتضاف الى الأدراج والأضابير، وكابينات لتتم إعادتها للمعالجة مع تقرير مطلوب أو محاولة لملء الفراغ وهكذا تدور سواقي الفراغ للفراغ.

وجع الكلام: قد يمل الفرد تكرار نفس تفاصيل اجترار الكلام باعتبار أن الصحيح لم يجد حظه من الواقع، ولكن قد يكون الوضع واصلاً مرحلة محاولة أن تقترح الصحيح في ظل تراكم الأخطاء نوعاً من الفوضى الخلاقة، فيكون بذلك الكلام مجرد وجع غير مستحب أو حتى عدم قدرة على مواجهة أسئلة من شواكل من أنت وسط كل هذه اللمة والأمة حتى تظن أن معرفتك تفوق الآخرين وتبزهم لتقترح صحيحك مقابل أخطائهم قد تكون منهزماً بعض الشيء وتسلم بأنك قد رفعت الراية وتدخل في دوائر و(أنا مالي ومال كدة) أو تتصلب عندك الرؤية على الاستمرار لتأكل كل يوم في حنانك درساً من دروس الحياة.. قد يكون لكل درس معلم لم تظن يوما أنك سوف تدخل ضمن مناهج كتبه وشنط محتواها.. أو تصل لمرحلة الاتزان النفسي بأنك أصبحت تمارس وجع الكلام فهل تركن الى مفارقته أو تمسك عليه على علاتك.

كلمات السلوى: قد لا تكون مستمعاً جيداً في فترات كثيرة من حياتك، ولكن الظروف القاهرة أحياناً تولد منك ذلك المصغي المركز.. وعند المصائب الكبرى تلتمس سعياً لها كلمات الأقدار والحكم والقصص والتدبر في مصائب الغير، حتى تهون عليك بلوتك ومصيبتك، بل قد تصبح كل حياتك رهينة بهذه الكلمات لتعيدك لتصالح مع الحياة والتعامل معها باتزان وتروٍ، وقد يكون للبعض قدرة فارقة على اختزال الحزن في تذكار وتذكر ما مضى وما حدث للآخرين من ذات الجرع والكؤوس المشروبة أقداراً.. افراحاً واتراحاً.

لا تمل من السماع فربما كان فيه ابتراد الجوف المحروق أو تعديل (الحشا المبروم) ففي بركة الأخذ والتعاطي سلوى القلوب ومحاولة ابتعاث اجزائها التي لم يمر بها الدم الى حالات الضخ والتدوار في ديمومة (الناس بالناس والكل برب العالمين) وصروف الأيام في مدى واسع من الخير واللا خير، وفي كلٍ خير لأن أمرنا كذلك مرحباً بأقدار الله ما دام الامتحان مأجوراً من عدل لا يظلم.. والسلوى في نفوس خلقه.

آخر الكلام: ما علينا في هذه الدنيا إلا أن نكون أكثر ايجابية فيها من الانهزام والسلبية، ان نشتل الفرح في المزارع المتروكة نهباً للغير من أن نشتل الفرح في المزارع من دون ألم لتثمر من بعد ذلك الجدب خيراً وفألاً حسناً.

مع محبتي للجميع.