من يجرؤ على الصمت
في الأخبار أن أحد البرلمانيين ذرف دموعا سخية على سفح صفوف (طلاب الشهادة السودانية)، وهو يزعم أنهم لحظتئذ بين سندان (سوط عنج) الشرطة، ومطرقة قفل باب التقديم للجامعات، القضية التي تشغل الناس ووسائط الإعلام هذه الأيام، وتقيم الدنيا وﻻ تقعدها.. فمن ضمن المقالات التي تدفقت في أوردة وشرايين الأسافير.. رسالة أثيرة وصلتني من المملكة العربية السعودية، من القارئ الأستاذ عثمان السيد علي كرار، يرصد فيها من هناك معاناة ابنه محمد هنا في الخرطوم .
* يقول في رسالته: “إن ابني محمد كان من الذين قادهم حظهم العاثر للنجاح هذا العام.. بحيث طلبت منه الجامعة إحضار الشهادة الثانوية كشرط للتسجيل.. فتوجه تلقاء مدائن الوزارة فجرا ليعود في المساء بخفي حنين.. فحتى الطيور تغدو خماصا وتعود بطانا.. وحتى لا يحتج علينا بعضهم فإن بعض طلابنا يعودون بطانا.. من البطان الذي هنا يعني (الجلد) كما في إرثنا السوداني!! تكرر المشهد في الأيام التالية.. ولأن الخميس آخر موعد والشهادة تحتاج ليومين.. فلم يكن لديه خيار غير أن يكمل الإجراءات (باي هوك أور كروك)!! فاضطر مجلس العائلة أن يعلن عن اجتماع عاجل مساء أمس لمناقشة المعوقات التي تواجه عضو مجلس إدارة الأسرة محمد، ومن ثم وضع محمد المجلس الموقر أمام الواقع المرير.. مبينا كيف أنهم يزحفون زحف الفاتحين إلى أن يصلوا الشباك.. ثم لم يلبث أن يهجم عليهم (الكجر) بالهراوات والسياط فيشتتون شملهم ولم يكن أمامهم إلا الهروب.. لذلك قرر مجلس العائلة بالإجماع أن يصمد محمد أمام الهراوات والسياط ولا يبرح مكانه.. وبالفعل نفذ الابن الخطة وأكمل الإجراءات.. غير أن الضحية كانت بامتياز هي جائزة النجاح التي ظل يطالب بها من قبل الامتحان.. لقد (كسر الكجر) جهاز آيفون 6 الجديد لما عاجله بضربة في مقتل.. قلنا له ستحتاج لسنتين لتشتغل بهذه الشهادة حتى توفر قيمة جهازك والشكية لي اب إيدن قوية !!
* فيا صاحب الملاذات.. ونحن نلوذ بملاذاتكم الآمنة.. نسأل الله أن يكتب الأمان لبلدنا.. فقد احتاج ابننا محمد لهدية نجاح (جهاز آيفون 6).. ولما أراد أن يلحق بالتقديم خسر الجهاز ذاته!
* مخرج.. من المحرر..
أتصور أن مؤسسة الشرطة دائماً تكون ضحية لارتباك مؤسسات أخرى، ولو أن وزارة التربية أحسنت التحضير لما حدث هذا.
بإمكان المواطن المغلوب على أمره.. والذي ليس بيده شيء من القانون أن يذرف الدموع.. لكن في المقابل على النائب البرلماني أن يوقد الشموع وهو يومئذ ابن السلطة التشريعية التي تؤهله أن يستدعي الوزراء.. ماذا ترك لنا البرلماني وهو يبكي.. اللهم إلا أن (ندمس) !!
* غير أن الذي يطربك في (شيخ العرب) ود علي الكرار.. إنه ﻻ يملك أن يقابل نكران الوطن إلا بمزيد من الاحتمال، كما لو أنه عكير الدامر في رباعيته الأثيرة ..
مجبول الخصام الما وجدت نظيرو
خصامو معاي أخير لي من محنّة غيرو
جافاني العزيز الديمة كنت نصيرو
هو يسوي الكعب وأنا أسوي كتر خيرو