منوعات

“ست الشاي”.. أشرف مهنة للسودانيات في مواجهة المعاناة

“بيع الشاي” أو”ست الشاي” كما يسميها السودانيون هي مهنة بسيطة ومنتشرة في السودان، يعمل بها نساء أجبرتهن ضغوطات الحياة والظروف الاقتصادية والمعيشية في بلادهن للعمل فيها، ورغم أن عائدات المهنة قليلة ولا تتجاوز الخمسين جنيهاً سودانياً لليوم الواحد، إلا أنها تساعدهن في قضاء حوائجهن.

وقبل سنوات كان “بيع الشاي” لا يعمل فيه إلا النساء اللاتي تجاوزن سن الأربعين، ولكن المهنة في الآونة الأخيرة أصبحت جاذبة لكثير من الفتيات الشابات الفقيرات اللاتي لم يحصلن على تعليم كافٍ وبعض من خريجات الجامعات.

ولـ “مهنة ست الشاي” طقوس وعادات متعارف عليها يقمن بها اللاتي يعملن بها اتجاه زبائنهن، ومن بين تلك الطقوس تزيين المكان وتعطيره بـ”البخور” حتى يكون جاذباً للزبائن، إضافة إلى وضع المقاعد في شكل دائري، فمعظم الزبائن الذي يأتون إلى تناول الشاي أو فنجان من القهوة هم من فئة الشباب والطلاب بجانب الموظفين الذي يعملون في القطاعين الحكومي والخاص، فهم لا يعتبرون جلوسهم عند “ست الشاي” لتناول كوبا من الشاي أو القهوة فقط، وإنما يأتون دائماً إلى مواقع “بيع الشاي” لمناقشة أمر ما مع بعضهم البعض متعلقا بالعمل أو غيره من القضايا الاجتماعية.

وتروي “بائعة الشاي” فاطمة علي وهي في الخامسة والأربعين من عمرها وأم لأربعة أبناء لشبكة “إرم” الإخبارية، تفاصيل قصة دخولها لمهنة “ست الشاي” حيث قالت إن الشيء الذي أجبرها للعمل فيها هو تربية أبنائها لأن زوجها المختفي منذ تسعة أعوام ترك لها المسؤولية، وتقول فاطمة والتي ذرفت دموعها عند تعمقها في رواية قصتها، إن همها الأول هو أن ينال أبناؤها الأربعة شهادات تعليمية عالية حتى يصبحوا مسؤولين في المجتمع كي لا يواجهون مثل مصيرها الحالي، فهي تعمل دائماً على توفير كافة احتياجات أبنائها من رسوم دراسية وغيرها حتى لا يشعروا بفقدان والدهم.

ورغم انشغال فاطمة بمهنتها وأبنائها، إلا أنها لا تحرم نفسها من المشاركة في المناسبات الاجتماعية الخاصة بالأسرة، فهي دائما ما تفضل العمل في الفترة الصباحية لأن زبائنها جميعهم يعملون صباحاً، بجانب أن لديها واجبات تجاه أبنائها في الفترة المسائية مثل غسل ملابسهم، وإعداد وجبة العشاء، إضافة إلى متابعتها لهم في الدراسة.

وعن الدخل اليومي الذي تحصل عليه من المهنة، اكتفت فاطمة بجملة “الحمدلله على كل حال”، وقالت إنه يتراوح ما بين الخمسين والثمانين جنيهاً.

لكن شذى النور وهي في السابعة والعشرين من عمرها، وخريجة جامعية منذ ثلاثة أعوام، اعتبرت عملها نوعا من تعبئة الفراغ حتى لا تشعر بالملل، لأنها لم تحصل على وظيفة بشهادتها الجامعية، وتشير شذى إلى أن الكثير من الفتيات الخريجات يعملن بهذه المهنة ولكن بعضهن لم يستمر فيها بسبب الزواج أو لحصولهن على وظيفة أفضل من بيع الشاي.

والانتشار الواسع لـ”بيع الشاي” شجع الفتيات الإثيوبيات والارتريات المتواجدات في السودان على العمل في المهنة، حيث أصبحن الأكثر حراكاً داخل الأسواق والمقاهي السودانية، وهو الأمر الذي أدى لخلق تعارف وتداخل اجتماعي بين السودانيات والارتريات والإثيوبيات من خلال التعامل في المهنة.

رويترز