الزعيــــم
يتزعم.. فهو زعيم.. الزعيم هو الزول القدامي في أي حاجة.. في الحلوة وفي المُرة.. لكن هناك أشخاص يفرضون ويطرحون أنفسهم كزعماء..
كنا أطفالا في الابتدائي “الأساس”.. ندرس في مدرسة تبعد عن مكان سكننا حوالي اتنين كيلو.. كان أكبرنا سنا.. وأكثرنا بسطة في الجسم.. فرض نفسه علينا زعيما.. ما نرجع بيوتنا إلا هو يجي.. يمشي قدامنا.. وكان بعضنا يتبادل في حمل شنطة كتبو.. يختار الطرقات والشوارع النمشي بيها..
وفي يوم سقوطه المريع من كرسي الزعامة.. اختار لنا شارعا جديدا.. وكعادته كان يمشي في المقدمة فاردا يديه على طريقة الكاوبويات “جمع كاوبوي”.. وفي أيامنا تلك كان حلم كل صبي أن يصبح كاوبوي ويقرض الناس دي كلها بمسدسو ويركب حصانو.. ويخرج من المدينة.. وهو يرخي كسكتته علي جبينه.
كان زعيمنا الصغير يفرد يديه وهو ماشي ينقز.. وفجأة ظهر كلب.. وقولة (هوْ) من الكلب.. كان اول الفاكين البيرق.. والجارين.. وشفنا كرعيهو يدقّن في ضهرو وهو جاري.. ولي شقاوتو الكلب ما شاف مننا واحد يسكو.. إلا هو.. ووقفنا نحن نتفرج وفي غاية الشماتة.. ونقرقر بأعلى صوت.. واحترمنا ذلك الكلب احتراما يستحقه إذ خلصنا وكشف لنا زعامة زائفة.. كنا مغشوشين فيها ساكت.. تكشّف زيفها في أول سَكّة كلب.. حتى إننا بعد ذلك كنا نتهامس مكاوين له بـــ”كلب عبد الجليل”.. وكان من المفترض أن يثبت.. حتى لو قطعو.. ويحاول يحمي المجموعة من هذا الكلب.. وحتى لو عضعضو فهي ضريبة الزعامة.
وتزخر حياتنا الاجتماعية.. بأشباه زولنا السكاهو الكلب دا.. تلقاهو في المناسبات.. يجي يقدل ويتفجفج في القعدة ويستلم النضم.. ويقعد يحكي عن بطولاتو كان صح كان كضب.. وينتقد أي حاجة.. لو بكاء تلقاهو ينطط ويشيل في الفاتحة قبال أسياد البكا.. ولو عرس يبتدي ينظّم في الناس.. ويلف عليهم: “يا جماعة ناقصكن شي؟”.. ويكون ما دافع ولا تعريفة في الأكل الداير يتفنجّر بيهو علي الناس دا.
الزعامة مقوامتها كتيرة.. الكاريزما أهمها.. والشخصية الكارزمية هي شخصية يتحلّق حولها الناس.. ويحبه معظمهم.. ومن يكرهه، يكرهه لمحبة الناس فيه.. يعني حسادة.. الكاريزما لا تشترى بالمال.. ولا بالجاه.. ولا بالسلطة.. ولا تورّث.. يعني زول يكون أبوهو كريزماوي.. هو يكون مافي زول بيشتغل بيهو.. الكاريزما هبة من رب العالمين.. يهبها من يشاء من عباده.. القروش والجاه والسلطان أصلهن ما بيخلن زول يكون كريزماوي.. ولو شفت تحلق الناس حول سيد المال، دا عشان قروشو.. ويا قول المقالة: “القرش عند سيدو.. والناس بتريدو”.. الريدة ما ريدتن في الزول، لكن ريدتن في القرش.
الغريبة في ناس مقرشين وعارفين الحقيقة دي.. ومطنشيّن ونايمة معاهم نوم.. أما الجاه والسلطان.. تحلق الخلق حول مخلوق بيده الجاه والسلطة.. خوف وهرشة راس عديل.. وكم من كان مقرِّش وفلس وانفضّ من حوله السامر.. وكم من صاحب جاه ذهب جاهه أصبح وحيدا يجتر في ذكريات أيام نهزرة الخلق.. ويتفشاها في وليداتو كان عندو.. عشان كدا ورحمة به قال الرسول الكريم: “ارحموا عزيز قوم ذل” لأنو نفسياتو ح تكون زي الزفت.. والزول في الدنيا زي النقطة الفي كفر العربية وهي ماشة.. النقطة دي مرة فوووووووق.. ومرة تحت، طول ما عجلة حياتو مدورة!!!