الطاهر ساتي

عالم الدقيق ..(١ و ٢)

:: قبل الخميس، كما السواد الأعظم، كنت من الظانين خيراً في سلامة النهج الإداري لمجموعة دال وشفافية أنشطتها التجارية والصناعية.. ولكن يبدو أن مناخ البلد العام – الملبد بسحب (خلوها مستورة) – قد أصاب مجموعة دال أيضاً بأنفلونزا ( أم غومتي).. وليس في الأمر عجب، إذ هي عُشرة مصالح عمرها أكثر من (40 يوم)، وليس من اليسر أن يفر نهج دال من النهج العام، وقديما قالوا من عاشر قوما أربعين يوما (صار منهم) أو ( فر منهم)..عوضاً عن شفافية مؤتمر صحفي ذات أبواب مشرعة لكل وسائل الإعلام ولكل الأسئلة، إكتفى أسامة داؤود باستدعاء ثلاث صحف وخصها – من المعلومات – بما كانت (أخبار الخميس).. وهكذا أيضا نهج القوات المسلحة في المعلومات ذات الصلة بالعمليات العسكرية ..!!

:: المهم، ندع النصف الغائب من الحقيقة ليوم الغد، و نحلل النصف الحاضر في حديث أسامة داؤود بالغراء (اليوم التالي) .. ( لم نطالب بالإحتكار، وقرار إسناد إستيراد القمح والدقيق لثلاث شركات إتخذته الحكومة في نوفمبر 2010 )، أسامة داؤود .. وهذا صحيح ( شكلاً)..نعم شركة سيقا لم تطالب بإحتكار إستيراد القمح والدقيق، وهذا ما يسمى في المثل الشعبي ب ( أحمد).. ولكن (حاج أحمد)، حسب إعتراف أسامة ، هو أن شركة سيقا من الثلاث الشركات التي ظلت تحتكر إستيراد القمح والدقيق بقرار حكومي.. شركة سيقا لم تطالب بالإحتكار، ولكنها إحتكرت بطلب حكومي، فهل هناك فرق بحيث تبرئ شركة سيقا ذاتها من تُهمة الإحتكار؟.. فالإجابة في فطنة القارئ ..!!

:: لم يذكر أسامة نسبة سيقا في حجم الإستيراد الكلي المحتكر بقرار حكومي، ولم يسألوه .. تستورد سيقا نسبة تتراوح ما بين (50/60 %)، من حجم الإستهلاك الكلي، والبقية تستوردها (ويتا و سين)، بقرار إحتكار حكومي أيضاً.. أي حتى في الإحتكار بالأمر الحكومي، فالنسبة المحتكرة لسيقا تتجاوز نصف ( الإستهلاك الكلي).. لا نلوم سيقا، ولا ويتا و لا سين وغيرها، ولو قدًر لأي تاجر أي يحتكر إستيراد أي سلعة بطلبه أو بالطلب الحكومي لما رفض الإحتكار المرفوض لذوي (الفطرة السليمة)..ولذلك يبقى السؤال المر، كيف لحكومة بلد بأن توقع على عقد إحتكار قوت شعبها لمطاحن شركة أو ثلاث شركات؟.. مثل هذا، كنهج إستراتيجي (فوضى)، وكنهج إقتصادي (فساد)، وكأمن غذائي ( ثغرة)..ولله في تفكير الحكومة شؤون ..!!

:: ثم إعترف أسامة بأن لسيقا منتجات من (القمح المدعوم).. (صدرنا بعض منتجاتنا إلى السعودية ونجحت في المنافسة).. والمنتجات المصدرة للسعودية هي (المكرونة)، والأخرى غير المصدرة هي دقيق العبوات زنة (كيلو)..فالجوال المدعوم يجب أن يباع للمخابز بسعر (116 جنيه)، لتربح سيقا وغيرها من الشركات ( 7 جنيهات)، في الجوال..ولكن ذات الجوال المدعوم – بمال الشعب – حين يعبأ دقيقه في العبوات ( زنة كيلو) يباع للمستهلك بسعر (200 جنيه)، لتربح الشركة ما تقارب ال (80 جنيه)، في الجوال .. والحكومة التي تلزم الشركة بسعر البيع للمخابز لا تلزمها بسعر البيع للمستهلك عبر عبوات( الكيلو).. !!

:: وكذلك الحال في المكرونة – المنتجة من القمح المدعوم – والمصدرة للسعودية، وليس للشعب في عائد الصادر – نظير دعمه – نصيب .. وهذا ما يُمكن وصفه بأن الشعب يدعم سيقا بعلم حكومته.. هذه المنتجات تعادل ما قدرتها سيقا بنسبة (8%)، من القمح المدعوم، وللحكومة تقارير تقدر النسبة ب (20%).. نكذبهما، سيقا والحكومة، و فلتكن نسبة تلك المنتجات التجارية من القمح المدعوم (1%)، فقط لاغير، أي مثقال ذرة من مال الشعب.. فبأي حق؟، و بأي قانون؟..ونلتقي غدا باذن الله، لنكتب عن النصف الغائب من الحقيقة، أي عما أ خرج أسامة داؤود إلى الناس..(غاضباً)..!!

:: ما الذي أخرج أسامة داؤود (غاضباً)، وهو المعروف بالصمت ؟.. (16 أغسطس)، تاريخ اعلان وزير المالية عن فك إحتكار إستيراد القمح والدقيق، إذ كان محتكراً بقرار حكومي منذ ( نوفمبر 2010)، لثلاث شركات منها شركة سيقا المقدرة نسبة إستيرادها أكثر من نصف حجم الإستهلاك .. (17 أغسطس)، تاريخ تحذير رئيس اللجنة الإقتصادية بالبرلمان ما أسماهم ب (اللاعبين الكبار) من مقاومة قرار وزير المالية ثم تأكيده بأن قرار فك الإحتكار يوفر فرص العمل لكل المطاحن التي توقفت عن العمل منذ إحتكار مطاحن (سيقا و سين وويتا) ..(18 أغسطس)، تاريخ خروج أسامة داؤود للناس عبر ثلاث صحف (غاضباً)..!!

:: ولكن قبل الخروج، كان قد أوقف مطاحن سيقا عن العمل ( ثلاثة أسابيع)، وهي المطاحن ذات الطاقة الإنتاجية (5.500 طن يوميا). ومع ذلك لم تتأثر غير مطاحن سيقا ذاتها بهذا التوقف.. ولعلم القارئ، ولمن أسماهم البرلمان باللاعبين الكبار، فان حاجة البلاد الاستهلاكية إلى مطاحن طاقة إنتاجها (5.500 طن يومياً)، بيد أن المتوفرة منها حالياً هي حزمة مطاحن كبيرة وأخرى صغيرة طاقتها الإنتاجية (12.500 طن يومياً)، أي أكثر من (ضعف المطلوب) ..ولذلك، لم تتأثر المخابز ولم تتراص الصفوف أمامها كما كان يحدث قبل سنوات، فعادت مطاحن سيقا إلى العمل – قبل أسبوع – بشروط الدولة، ولاتزال – و ستظل – تعمل بالخسارة، أو كما قال أسامة داؤود..!!

:: ليست هناك أية خسائر، و لن تخسر سيقا – أو غيرها – جنيها حتى ولو رفعت الحكومة سعر دولار القمح إلى (7 جنيهات) وناهيكم عن ( 4 جنيهات) التي رفضتها سيقا ثم عادت تعمل بها.. مضى زمن إستغفال الناس، واليوم يستطيع أي مواطن – في طرق القرية – أن يدخل المواقع الإلكترونية ويعرف أسعار القمح والنفط العالمية ثم يقارنها بالأسعار المحلية ثم يحدد بالأرقام حجم (الربح والخسارة)..عندما كانت الحكومة تحتكر استيراد القمح لثلاث شركات منها شركة سيقا، كان السعر العالمي لطن القمح قد بلغ (400 دولار)، وكان السعر المحلي لدولار القمح (2.9 جنيه)..ولكن اليوم يشهد السعر العالمي للقمح إنهياراً لحد ال (250 دولار للطن)، والإبقاء على السعر المحلي لدولار القمح – 2.9 جنيه – يعني دعم سيقا وكل الشركات ب (فرق السعر)..!!

:: وليست أسعار القمح وحدها هي التي تشهد (إنهياراً عالمياً )، بل أسعار البترول أيضاً بنسبة تقترب إلى (50%)، وهذا يعني إنخفاضاً في أسعار ( النقل)..ومع ذلك، شركة سيقا وحدها – من كل شركات السودان والعالم – هي التي رفضت الإعتراف بهذه المتغيرات الإقتصادية التي تحفظ للبلاد وشعبها بعض (مواردها المحدودة)، ثم إعترفت بها – قبل أسبوع – عندما تزاحمت الشركات أمام العطاءات المعلنة وعندما سدت المطاحن ثغرة غيابها (ثلاثة أسابيع).. عادت للعمل، ربما ( لتعمل بالخسارة)، كما قال صاحبها ..وعليه، بالتوفيق لشركة سيقا و مع الأمانى بالمزيد من النجاح لمجموعة دال في إطار (منافسة شريفة).. !!

:: ولو كانت الحكومة تصافح شعبها – بمثل هذه السياسات – لوجدت الكثير من (العناق)، ولكنها دأبت على صفع الشعب بالتراجع عن القرارات الرشيدة .. ولذلك، لانتوقع أن تمضي سياسة وزارة المالية في طريق فك الإحتكار وحرية المنافسة بالجودة والسعر حتى النهاية.. فالكثير من التجارب كشفت للناس أن من أسماهم البرلمان باللاعبين الكبار أقوى من ..( إرادة دولة) ..!!

‫5 تعليقات

  1. والله حيرتونا معاكم نصدق منو ونكذب منو في النهاية المواطن هو الخسران وهو البتحلو بيهو مشاكلكم كان الله في عون الشعب السوداني

    1. الاحتكار هو اداه من ادوات الانقاذ للهيمنه علي الثروه والسلطه!! وهو اداه مذمومه شرعا وغيره مستحبه في منظومه الاقتصاد الحر ومكروه عند رجل الشارع العادي لان اشد الاكتواء بنار هذا الداء اللئيم يقع عليه وعلي افراد اسرته في نهايه المطاف.
      والسيد اسامه داود رجل الاعمال الناجح وصاحب امتياز مجموعه دال هو بلاشك جزء من النظام الاقتصادي التجاري للانقاذ باخياره دون شك وجزء من النظام السياسي او في حده الادني من الوطني (السوداني) اراد ذلك ام ابي!! والاختلاف بين الاقتصادي والسياسي لنظام واحد لايفسد للاحتكار تضامن اذا ماحستت نوايا الحوار فالمنفعه مشتركه والقبضه المحكمه لن تستمر إلا بكليهما وهذا معلوم للجميع وبالضروره .
      وهبوط اسعار القمح العالميه بنسبه 50% تقريبا يكفي لتفاهم الجميع وفيه متنفس لرجل الشارع المطحون وبحبوحه للحكومه لكلام عن الاهتمام ب (قفه الملاح) وتتيح نفث زفره ضيق لقبضه سياسات صندوق النقد والبنك الدولين الكريهه والخانقه.
      وبما ان مساله هبوط اسعار القمح والنفط في العالم ليست باتجاه واحد وبمدد زمنيه معلومه واسباب متقلبات الاسعار متعدده فما انخفض سعره اليوم قد يرتفع خلال سته او ثلاث اشهر مثلا او قد يتواصل هبوطه لذلك فالمساله تحتاج الي اعاده تفاهم مع وزير الماليه الهمام د,بدرالدين محمود وطاقم الوزاره الناجح وفقهم الله واعانهم علي حسن الاداء بهذا المستوي الجيد لخصخصه ارباح مجموعه دال وغيرها دون المساس بمؤسسات البلد (الوطنيه الناجحه) وفي مقدمتهم دال او قصقصه وتسويه اظافرها ان طالت واقناع اسامه داود بنسبه الارباح المنخفضه مؤقتا لحين اشتداد عود مؤسساته بالمنافسه الحره الشريفه في السوق. وبنفس القدر تمكن وزاره الماليه من دعم مؤسات الدوله وزراعه القمح محليا ودعم الصناعات الوطنيه والخروج من عنق الزجاجه الخانق وابعاد الاصلاح بالاحتكار نهائيا لانه يشبهه العلاج بالكي الذي كره رسولنا الكربم صل اله عليه وعلي آله وسلم. .
      اظن ذلك ممكنا ( فالحساب ولد ) ومؤشرات التنبؤ بمتوسط اسعار السلع العالميه كالقمح والنفط خلال ثلاثه اشهر ممكنا ايضا او تغطيه مخاطر تقلبات الاسعار بعقود مستقبليه(حلال) فوزير الماليه من ابناء السودان المميزين وكذلك اسامه داوود ويعلمون تفاصيل كيفيه درء المخاطر التجاريه وجلب المنافع للمؤسات الوطنيه والحكوميه علي السواء وكسر الاحتكار (كخيار مكروه) ومساعده المواطن لشراء (قفه الملاح) بدون شروط المؤسسات الدوليه القاتله . والله من وراء القصد…ودنبق.

  2. شكرا ود الطاهر فأنت أحد القامات التي نقرأ لها فتصدقنا القول ونصدّقها .

  3. ووووو تاهر ووو اقج اوة

    صدقت ما تقوله

    اسووود

    اسامة داوؤد دولة قائمة بذاته

  4. شكرا ود الطاهر فأنت أحد القامات التي نقرأ لها فتصدقنا القول ونصدّقها