صاحب وكالة سفر ينصب على (103) مواطنين ويستولي على أكثر من مليار جنيه
كشف مواطنون التقتهم (المجهر)، تفاصيل عملية النصب التي تعرضوا لها، من قبل صاحب وكالة، باعهم أوهام السفر للإمارات والعمل هناك بأجور مغرية .
وقد قام العديد من الضحايا ببيع ممتلكاتهم والاستقالة من الوظائف التي كانوا يعملون بها، من أجل توفير قيمة عقودات العمل والتذاكر، إلى جانب مصروفات الشركة. ولم يتسنَّ لأكثرهم اكتشاف الخديعة إلا بعد قدومهم للمطار، بمعية مودعيهم من الأهل، لأجل السفر، حيث تفاجأوا بأن التذاكر مزورة فتلك كانت بداية النهاية، في تلك القصة التي لم تخلُ من جوانب مأساوية فبعض الضحايا لم يتحملوا صدمة الاكتشاف المروع. وقد بدأت الشرطة والأجهزة الأمنية المختصة في كشف الجوانب الخافية من القصة، لتأخذ طريقها إلى العدالة، ووفقاً لما أوردته (المجهر) أمس، فإن صاحب وكالة وخطيبته نفذا عملية نصب كبرى بوسط الخرطوم على (103) أشخاص من الكادحين، بعد إيهامهم بالسفر إلى دولة الإمارات المتحدة، وكان الناس يتناقلون فيما بينهم خبر قيام الشركة التي تسمى آمال العالمية باستجلاب فرص عمل لعمال ومهندسين وأطباء وموظفي تأمين منشآت بمبالغ متفاوتة، وكانت ذات الشركة قد قامت بتسفير عمال إلى الإمارات، واستفادت من ذات السمعة لتنفيذ عملية النصب وكان المواطنون الذين وقعوا ضحية الاحتيال قد اكتشفوا ذلك. وبعد عمليات المماطلة والشد والجذب اكتشف عدد من منهم أنهم وقعوا ضحية عصابة منظمة استولت منهم على ما يقارب المليار ومائتي ألف جنيه. فاتجه نحو خمسين من الضحايا إلى قسم الخرطوم شمال وقاموا بتحريك إجراءات جنائية في مواجهة صاحب الشركة ، الذي يدعى (ا) حيث اتخذت الشرطة إجراءاتها بتوقيف نائب المدير، حيث يجري التحقيق معه، فيما قامت النيابة بمخاطبة المسجل التجاري، حيث اتضح أن الشركة مسجلة باسم الشاب “أمجد”، وأن التسجيل قد انتهى بتاريخ آخر إيداع في يوم (12/ 1 /2015) .
حكاوى صادمة
وفي السياق كشف عدد من الضحايا، في أحاديث أدلوا بها لـ(المجهر)، واقعة الاحتيال التي تعرضوا لها، وحكى “إبراهيم خالد” الذي تقاعد من عمله في الشرطة، حديثاً، وراهن بحقوقه للسفر للخارج لتحسين أوضاعه، فقال بأنه سمع خبر الشركة من بعض زملائه، وأنه سارع إلى مقرها وقام بدفع قيمة العقد (10) آلاف جنيه، ومن ثم قام بالإجراءات التي طلبتها منه الشركة، من فحوصات وغيرها. وبعد مدة تم الاتصال به وأبلغوه بأن التذكرة وتأشيرة الدخول قد وصلت، ومقابل ذلك استلم منه مبلغ (خمسة) آلاف جنيه، وطولب بخمسة أخرى، عند تحديد موعد المغادرة. قال “خالد” بأنه اكتشف واقعة الاحتيال بعد المماطلة في تحديد موعد سفره، وأنه تأكد من ذلك بعد أن لجأ للخطوط القطرية، للتأكد من الحجز، فاتضح أن التذكرة قد صورت ووزعت على المغادرين.
تفاصيل الاستيلاء على أموال عامل بناء
أما “بشير عربي” الذي يمتهن الأعمال الحرة، فله حكاية أخرى، فقد قال لـ(المجهر)، أنه تحصل على أمواله بعد معاناة في أعمال البناء والبياض، واستطاع أن يجمع وأن يدخر في نهاية الأمر، مبلغ (7) آلاف جنيه. وأضاف أنه عندما سمع بحكاية العقودات والفيزا للإمارات، توجه إلى مقر الشركة التي طالبته بدفع مبلغ (3) آلاف جنيه لوظيفة عامل، وقام بدفع المبلغ الأول. وبعد فترة تم الاتصال به وتسليمه تذاكر، وإذن دخول ليقوم هو بتسليمهم بقية المبلغ.
حكاية “بكري” الحزينة :
أما “بكري عزت ضو البيت” فله حكاية تدمع لها العين ، فبعد أن قدم استقالته من الشركة التي يعمل بها، وتحصل على مبلغ التأمين للحصول على عقد عمل بالخارج، لأن الوضع أصبح طارداً، كما يقول، وهو يسرد حكايته لـ(المجهر)، الأمر الذي دفعه للبحث عن وظيفة أخرى تعينه لتحسين أوضاعه، لكنه لم يكن يدري أن الأقدار تخبئ له هذه النهاية المأساوية لأحلامه.
وطالب جمع ماله من اليومية
أما “عثمان الجنيد عمر”، فهو بدوره، وكما فعل سابقوه، فقد دفع (8) آلاف جنيه بعد أن جمعها من تعبه وعرق جبينه، كما يقول، في الأعمال الحرة. وقال: إنه سمع بالسفر من بعض أصدقائه الذين أكدوا له مصداقية الشركة، غير أن الشركة، كما اتضح له آخر الأمر، قد أهدرت زمنهم، بالإضافة إلى المبالغ التي خسروها من مواصلات واتصالات وفحوصات طبية، قد تصل إلى ثلاثة أرباع المبلغ الذي خسروه من قبل. ويقول “إبراهيم بابكر حسن عيسى”، بأنه ظل منذ (8) أشهر يتابع مع الشركة، إلى أن اكتشف أن التذاكر مزورة، وكذلك الأمر بالنسبة لطارق “مصطفى محمد حامد” الذي قدم طلبه للسفر للكويت، واكتشف لاحقاً، كما قال، إنه وقع ضحية عصابة منظمة.
حضر للخرطوم من الجزيرة بعد (30) عاماً
أما “موسى عيسى” فحكايته قد تدمي القلب والعين معاً. يقول “موسى” الذي حضر خصيصاً من ولاية الجزيرة، وهو الذي لم يحضر للخرطوم منذ (30) عاماً.، ما يدلل به على جديته من جهة وأهمية الوظيفة بالخارج بالنسبة له. وكما حدث للكثيرين فقد سمع بخبر العقودات والفيزا والعمل بالإمارات، من أحد معارفه فاضطر إلى بيع ماشيته، ودفع (81) ألف جنيه لصاحب الشركة . وأنه قام بوداع أهله الذين رافقوه إلى مطار الخرطوم. وعند وقوفه أمام موظفة القطرية اتضحت له واقعة الاحتيال ليتوجه بعد الإرشاد إلى قسم الخرطوم شمال. و”أسامة محمد” مثل سابقه تماماً، فقد استقال من وظيفته كمهندس في شركة خاصة، وجمع حقوقه وتأمينه، وقام بدفع (17) ألف جنيه ليكتشف لاحقاً، واقعة الاحتيال المرير.
لم يسلم جار مدير الشركة
ولم يسلم جار صاحب الشركة المتهم من واقعة الاحتيال. يقول “عبد الرحيم محمد الحسن” بأن صاحب الشركة التي احتالت عليه كان جاره بضاحية أركويت، وأنه حضر إلى منزله وأقنعه بعد أن أكل معه وشرب، بضرورة تسفيره إلى الإمارات مما دفعه لبيع غرفة زواجه، وتسليمه المبلغ نقداً. أما “محمد أحمد” فقد استدان (حق) السفر من زملائه وأشقائه. أما “بكري عيسى ضو البيت” فقد باع غرفة زواجه، أملاً في تحسين الأوضاع . وطالب “بكري” الجهات المسؤولة بالتدقيق والتحقق من الوكالات الموجودة حتى لا تضيع حقوق الناس.
وطالب “عادل عمر الجاك” الذي وقع ضحية تقديمه للإمارات في وظيفة أمن منشآت، بتوصيل رسالته للمسؤولين بالتدقيق والتمحيص في تسجيل الشركات.
المجهر السياسي