كورونا والإبل
تشهد السعودية هذه الأيام ارتفاعا حادا في نسب الإصابة بفيروس كورونا “متلازمة الالتهاب الرئوي التاجي الشرق أوسطي” واختصاره العلمي “MERS-CoV”، وهذا الفيروس أحد الأمراض الغامضة التي اجتاحت العالم في السنوات الأخيرة وإن كان يصنف ضمن مجموعة أمراض الإنفلونزا، وتقترب أعراضه من أعراض إنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير، بيد أن خطورته تكمن في أن الأطباء على مستوى العالم فشلوا حتى الآن في إيجاد دواء له أو اكتشاف مصل يقي منه، كما أن خطورته تكمن في أن نسبة النجاة في حالة الإصابة به ضئيلة جدا، إلى جانب وبائيته فهو سريع الانتقال وينتشر عن طريق المخالطة العادية.
ربطت آخر الدراسات المتعلقة بفيروس كورونا بينه وبين تربية الإبل، ومن المعروف أن جزيرة العرب، السعودية، من مواطن الإبل، وحذرت هذه الدراسات من مخالطة الإبل وتناول لحمها وشرب لبنها، مؤكدة أن: “الإبل تمثل مصدرا حيوانيا لحضانة هذا الفيروس الذي يصيب الإنسان”. كما حذرت وزارة الصحة العالمية من “مخالطة الإبل واتخاذ الاحتياطات الوقائية حين يكونون في أماكن وجودها، وأن يتجنبوا أيضا شرب حليبها”، أما أكبر إجراء حكومي رسمي اتخذته الحكومة السعودية ضد الإبل بسبب كورونا فتمثل في اتجاهها إلى عدم السماح بالتضحية بالإبل لموسم الحج هذا العام، وذلك بحسب تصريحات لوزير الصحة السعودي المهندس خالد الفالح.
السودان إحدى الدول الكبرى من حيث الثروة الحيوانية، ومن ضمنها بلا شك الإبل، وهي ثروة ضخمة وهائلة منتشرة من أقصى شرق البلاد إلى غربها. لا أعرف بالضبط إن كان فيروس كورونا الشرق أوسطي متعلق بأجواء وجغرافيا السعودية فقط أم أنه يرتبط بالإبل أينما وجدت، ولكن لنفترض أن الأخيرة واردة، فهذا يعني أنه في حال انتقل هذا الفيروس بأي شكل من الأشكال إلى الإبل السودانية، فإن الموقف الصحي في السودان سيكون شائكا جدا وستتعرض حياة ملايين السودانيين لخطر الإصابة بهذا الفيروس القاتل، وذلك لأسباب كثيرة أهمها الغياب شبه التام للثقافة البيطرية في ربوع ونجوع السودان المختلفة، إضافة إلى ضعف المراقبة والملاحقة الصحية بصورة عامة في كل السودان، وإذا قارنت المسألة بدولة كالسعودية بكل إمكانياتها المادية ومن ثم عجزها في السيطرة على هذا الفيروس ستجد أن الأمر كارثي بكل المقاييس في حال انتقل هذا المرض إلى إبل السودان، أي إلى مواطني السودان.
هذه ليست دعوة لتخويف الناس وإرهابهم بقدر ما هي محاولة للتنبيه من خطورة مرض ينتقل عبر وسيط منتشر في بلادنا.
فلنستبق الخطر، ونراقب إبلنا منذ وقت مبكر تحوطا لكل شيء.