ما وراء العنف
لماذا تفشى العنف في أوساط السودانيين.. وتعرض حتى أطباء الرحمة لإطلاق النيران من داخل المستشفيات وأثناء أداء واجبهم الإنساني؟؟ حادثة تعرض الطبيب الجريح بمستشفى بحري يوم (الأحد) الماضي لا تمثل إلا جزءاً من سلسلة العنف الذي تمدد في وطننا السودان.. وأصبحت حتى القوات النظامية ضحية لهذا العنف الكامن في شخصية السوداني.. انظر إلى الناس في الشارع العام.. اقرأ تفاصيل الوجوه.. تجدها عابسة عليها غبرة ترهقها قترة.. مشاحنات في الشارع العام بين السائقين.. ومواطنين غابت عن شفاههم الابتسامة.. والكلمة الطيبة.. الناس في نكد وهم وغم وحزن.. وضيق شديد.. لا تمر ساعة إلا وتشاهد في السوق العربي عراكاً بالأيدي.. وألفاظاً فاحشة ونابية حتى ملاعب كرة القدم التي كانت ملاذاً لتفريج الهم والغم بسبب المداعبات البريئة.. والمشاغبات الجميلة أصبحت منطقة عنف لفظي ومادي.. حتى الشرطي الذي كان يبتسم في وجه المواطن العادي لم يعد كذلك. في الأسبوع الماضي ذهبت مع الأخ العميد “حسيب علي صافي النور” وهو قائد كبير في الجيش لفتح بلاغ في أحد أقسام الشرطة بأم درمان.. فتفاجأنا بروح عدائية وألفاظ جافة.. من قبل ضابط برتبة ملازم أول كان يؤدي واجبه يوم (السبت) الماضي.. حتى بعد أن عرفه العميد “حسيب” برتبته العسكرية فإن المسؤول لم يغير لغته مع مواطن جاء يبحث عن حقوق له.. وقبل أيام أصدر “المعز حسن بخيت” بياناً عن ما تعرضت له طبيبة في مستشفى النو من اعتداء مادي.. والآن وصلت لمرحلة إطلاق النار على طبيب من قبل مواطن مات أحد أفراد أسرته بالمستشفى…. وفي ذات الوقت.. فاضت المستشفيات بالحراس الغلاظ وتحولت من مؤسسة إنسانية لخدمة الإنسان لقلعة عسكرية؟؟
السيد وزير الصحة بولاية الخرطوم د.”مأمون حميدة” الذي أصبح من (الثوابت) في حكومة ولاية الخرطوم يُستبدل كل الوزراء ويبقى “حميدة”، لأنه وزير جاء من أعلى مفروض على الوالي أي كان الوالي. هذا الوزير لو أنفق طاقته المتجددة التي يهدرها في المعارك الصحافية والمعارك الهوائية لتحسين أوضاع الأطباء وحمايتهم من المرضى.. والمواطنين.. ووضع خطة لتدريب الأطباء فنون الابتسامة في وجه المريض.. وحق أسرته.. والأقربين منه في تملك المعلومات عن صحته لما وصلت العلاقة بين الأطباء والمرضى إلى مرحلة إطلاق الرصاص.. ولكن الوزير نفسه يثير الناس بلغته .. وربما بثروته ونفوذه أيضاً.
لماذا وصلت بلادنا إلى هذا الدرك السحيق من الفوضى والضيق بالآخرين.. والنزوع إلى العنف الشديد؟؟ هل للأوضاع الاقتصادية أثر على هذا التطور السالب؟؟ أم ضعف الثقة بين المواطنين وأجهزة الدولة؟؟ وكيف يمكن نزع غلالة العنف الذي أخذ يتفشى في كل مكان؟؟ ليبلغ إطلاق النار على الأطباء أثناء أداء واجبهم.. وفي قلب العاصمة “الخرطوم”؟؟
(2)
هذا ما حدث في “الخرطوم” ولكن في “نيالا” هاجمت عصابة موقعاً للشرطة وقتلت شرطياً برتبة الرقيب وأصابت مهندساً مدنياً.. ولكن تمت مطاردة العصابة من قبل شرطة النجدة والعمليات حتى تمكنت الشرطة من إلقاء القبض على الجناة الثلاثة وبحوزتهم بندقية كلاشنكوف وبندقية جيم (3).. وتم فتح بلاغ في مواجهتهم. ودوافع حادثة “نيالا” السرقة والنهب.. ولكن إذا كانت عناصر النهب تهاجم الشرطة لتنهب أسلحتها، فماذا عن المواطنين الذين هم ضحايا الفوضى وضحايا الفشل الحكومي في ملاحقة عتاة المجرمين.
الكل يتسآل من يملك الاجابة
غياب الابتسامة يعنى عدم توفر الضحاكات لسوء الحال والاوضاع الاقتصادية الصعبةالتى يمر بها الشعب وينتج منه عدم الثقة بين المواطن والدولة (لانوا اى حاجة بالكاش) الماعندوا بقى بشيل حقوا بى يدوا لانوا غياب دور الدولة يولد فى البشر نوع من الحقد وظلم الآخر الضعيف