من يستحق جائزة الدواعش
* إن كان (سيد الرايحة بفتِّش خشم البقرة) في ظل ركضه الجنوني ولهثه المحموم بغية العثور على ما فقده من أشياء قد تكون ثمينة بمقدار التقييم العام، أو ليست ذات قيمة تذكر بمعيار البعض ولكنها عند صاحبها تساوي الكثير، فما بالك بمن فقد فلذات كبده بين طرفة عين وانتباهتها، وينتابه إحساس بأن أبناءه ذهبوا لمكان معلوم الجغرافيا مجهول التفاصيل سيأتون منه – لو كُتبت لهم العودة – أناسا مختلفي الطباع والنهج والقناعات والتفكير، وربما يقيمون الحد على أقرب الأقربين دون أن يرتجف لهم جفن وهم يلوحون بسيوف التكفير.
* من الصعب أن يرن الهاتف المدون رقمه على الإعلان الذي نشرته أسر الفتيات الأربع اللائي التحقن بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بصحيفة (السوداني) أمس ليمد المتصل ناشري الإعلان بمعلومات تدل عن أماكن بناتهن حتى ولو تمت مضاعفة قيمة (جائزة المعلومات) عشرة أضعاف مبلغ المائة ألف جنيه المعلن عنه.. كل المعطيات تشير إلى أن الرحلات تتم بدقة متناهية وترتيب عالٍ؛ ومن يسهمون في تسهيل السفر وإكمال الإجراءات يتحركون بسرية تامة وفق خلية منظمة تتكئ على إيمان وقناعات.
* قلنا قبل أيام معدودات إن تساؤلات عدة تتقافز في خلفية الذهن كلما سمع الناس عن فوج شباب سوداني جديد انضم إلى (داعش) وأعلن الاستعداد للموت في سبيل الله، أو شاب استشهد هناك.. هل تحتاج حماية ديننا الحنيف إلى مجموعات متطرفة كتلك التي تُنفِذ عمليات تعكس وجهاً لا يشبه تعاليم الإسلام؟.. هل نحن في حاجة إلى ممالك تجز الرقاب باسم الدين كداعش وأخواتها؟.. هل بالإمكان أن تسقط راية دين استشهد في سبيله خيرة الرجال وأميز النساء منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.. وهل الخوف الحقيقي الآن على الإسلام أم من الذين يُنصِّبون أنفسهم حُماة للإسلام..؟ وألا يجب علينا بالمقابل أيضاً الاعتراف بأن التساهل في أمور الدين الواضحة، والتلاعب بالشرائع الإسلامية، وانعدام نخوة البعض على العقيدة والمجاهرة بذلك، واتجار البعض الآخر بالدين قاد إلى تطرف عدد كبير من الشباب المدفوع بخطاب كامل الغلو، في الوقت الذي أضحى فيه معظم دعاة الوسطية (واعظي سلطان) يبحثون عن رضا الحكام – وإن كانت ألسنتهم فصيحة وتبحرهم في الدين كبيرا، وأسانيدهم منطقية – والفرق كبير ما بين (دعوة حق) أريد بها حق، والانجراف خلف (ما يطلبه الحكام) من (الشيوخ المودرن) الذين يبذلون قصارى جهدهم لمحاربة (شيطان الإرهاب) بدعوة عصرية؟
* السؤال المهم حقاً: هل يستحق الجائزة من يدل على مكان الفتيات الأربع أم الذي يكشف عن الكيفية التي تم بها إقناعهن بالسفر لمنطقة حرب تحكمها (قوانين خاصة)، فطالما أن الفكرة مزروعة في العقول فلو عثرت أسرهن عليهن الآن وتم تشديد حراسة عليهن فحتماً سيهربن من جديد متى ما غفلت عنهن العيون!
نفس أخير
* هل سيفوز أحد بالجائزة أم سنطالع إعلانا لأسرة جديدة؟