وطن النجوم أنا هنا.. أعتذر
* في أخبار الأمس أن الفريق القومي السوداني قد تجرع هزيمة قاسية من الفريق الجابوني، وليست هذه هي الأزمة على مرارتها، على أن الأزمة الحقيقية هي ألا نقيم لهذه الهزيمة (مأتما وعويلا) كما نفعل عند هزيمة فريقي الهلال والمريخ !! فلو أن المهزوم بالأربعة أحد الناديين الكبيرين لأقمنا الدنيا ولم نقعدها، فاليوم الوحيد الذي نهرب فيه من قروبات التواصل الاجتماعي هو غداة أي منافسة طرفها المريخ والهلال، فالأمر هنا يتخطى مرحلة الاحتفال بالفوز، وهو يومئذٍ مقبول، يتخطاه إلى حالة من الغلو والإسفاف والتراشق بالألقاب وتدني لغة الخطاب الوسائطي، وهنا نسقط مرتين كشعب ودولة ونخب، عندما نسرف في إيذاء الفريق الذي خسر إحدى الجولات، وعندما لم ننكس رؤوسنا وأعلامنا غداة هزيمة الفريق القومي السوداني، فهذه لعمري أزمة تربية وطنية متطاولة ومتفاغمة بمرور الوقت وتزايد الهزائم وتراجع العزائم الوطنية!! وأتصور أنه قد آن الأوان لفتح هذا الملف على مصراعيه أمام أهل التربية والتنشئة وأهل الاجتماع والمعاهد والمناهج الاجتماعية والنفسية والسيكولوجية !!
* فقد أصبحت لعبة كرة القدم عند الأمم والدول والشعوب، كلعبة جماهيرية، أضحت أداة لاحتدام معاني التربية الوطنية ووسيلة لرفع الروح القومية والإحساس بالأوطان، على أن الدولة السودانية التي تعاني بعض التصدعات في بنيتها الاجتماعية، هي لعمري أحوج ما تكون إلى تنامي هذا الأدب القومي، لان حزب كرة القدم هو (حزب كل السودانيين)، في عصر تشظي الأحزاب السياسية وتراجع الممسكات الوطنية. فلم تعد كرة القدم أداة لتزجية الوقت وإنفاق عشرات الآلاف من الدردشات المملة على الميديا الحديثة، فقد أضحت عنوانا للرقي والسلوك والتحضر وماعونا إعلاميا مؤثرا جدا ..
* وأتصور أن مسألة عدم الشعور بالوطن عند الهزيمة لم تكن كما يكرس البعض، بأن السودانيين لا يحبون وطنهم كما الآخرين ويضربون لذلك الأمثال، هذا بتقديرنا زعم خاطئ يرقى جرم الترويج له إلى جريرة الخيانة الوطنية الكبرى، أثبتت الملاحم أن السودانيين يمكن أن يقدموا أنفسهم فداءً لوطنهم، وفي المقبل إن الذين نضرب أكباد الإبل للحاق بركب وطنيتهم الأنموذج ونضرب لهم الأمثال، أثبتت الأيام أنهم مستعدون في كثير من المواقف بيع أوطانهم ومواقفهم بدراهم معدودة !!
* أتصور أننا بحاجة فقط للتعلم كيف نعبر عن امتنانا لوطننا وحبنا لبلادنا، على أن الوطن ليس هو النظام الذي اختلف معه، بل هو التاريخ والمستقبل، فهناك مؤسسات وطنية يفترض أنها تسمو فوق العراك الداخلي و(الدافوري) السياسي، ومثال لذلك الفريق القومي السوداني.