سيناريو تحويل مواطنين سودانيين إلى بدون
إذا كان عدد سكان السودان بعد الانفصال يقدر بنحو 30 مليون نسمة تقريباً، وإذا كانت الإدارة العامة للسجل المدني قد أعلنت في تصريح صحفي لها قبل شهرين أن حوالي عشرين مليون سوداني فقط استطاعوا خلال السنوات الماضية التسجيل والحصول على الرقم الوطني، ثم عادت إدارة السجل المدني نفسها أول أمس لتؤكد نفس العدد المعلن قبل شهرين أي أن الزيادة خلال الشهرين لم تبلغ مليون اسم إضافي حتى يتغير العدد من عشرين إلى 21 مليون مواطن، فكيف تأتي إدارة السجل المدني وتعلن في مؤتمرها الصحفي أول أمس أن يوم 31 ديسمبر 2015 هو آخر موعد للتسجيل الأساسي بالسودان، ومنح الرقم الوطني وأنه وبنهاية فترة التسجيل المعلنة تلك سيترتب على الذين لم يسجلوا أنهم ساقطو القيد بل سيكون التسجيل بعد هذا التاريخ المذكور وفقا لإجراءات جديدة.
إن وزارة الداخلية وإدارة السجل المدني يجب أن يكون لديها إلمام بطاقتها وقدراتها ولديها إلمام بإيقاع سير عملية تقييد السودانيين ومنحهم الرقم الوطني هذا قبل أن تعلن مثل هذا الإعلان الذي من الواضح أن هذا التاريخ قد يكون نهاية لمجانية الرقم الوطني والدخول في مرحلة يتم فيها فرض رسوم مالية على المواطنين السودانيين بحجة عدم حصولهم على الرقم الوطني المجاني في الفترة الماضية.
وزارة الداخلية تدرك تماماً أن إلحاق عشرة ملايين سوداني غير مقيدين في سجلاتها ومنحهم الرقم الوطني لا يمكن أن يتم خلال الأربعة أشهر المتبقية من هذا العام لأنها هي نفسها وأعني إدارة السجل المدني كانت قد احتفلت بعد 3 سنوات من بدء تقييد المواطنين في نظام الرقم الوطني احتفلت بتسجيل بيانات عشرة ملايين مواطن فقط عام 2013 واعتبرت هذا العدد إنجازاً كبيراً يستحق الإحتفال به.
وبعد عامين من هذا التاريخ كانت قد ضمت تسعة ملايين ونيفا آخرين فكيف ستضم نحو عشرة ملايين آخرين خلال أربعة أشهر فقط..؟!!
هناك احتمالان: إما أن تحدث عملية تزاحم قاتل للمواطنين عند نوافذ ومراكز استخراج هذا الرقم الوطني بكل ما في إجراءاتها من متاعب وعذاب و(تلتلة) وأضرار وأعباء على المواطنين أنفسهم بحسب طاقة تلك المراكز وشبكاتها والتفاصيل والمتاعب المعروفة للجميع، وإما أن تسير الأمور على وتيرتها وايقاعها المعروف ثم يأتي يوم 31 ديسمبر 2015 ليجد ملايين المواطنين أنفسهم محرومين من حقوق المواطنة ومحسوبين في عداد الأجانب بل حالهم سيكون أسوأ باعتبار أن الأجنبي لديه وثيقة مواطنة أجنبية من بلده الأصلي أما سواقط الرقم الوطني من السودانيين فسيعتبرون في حكم من يسمونهم في بعض الدول العربية بـ(البدون)..!
عدد كبير من المواطنين السودانيين سيتحولون إلى (بدون) وفاقدي أوراق ثبوتية وسيضطرون للخضوع لإجراءات جديدة قد تكلفهم أعباء مادية كبيرة.
أليس هذا هو السيناريو..؟
إذا كان لدى وزارة الداخلية وإدارة السجل المدني سيناريو آخر للأمر فليخبرونا به لأن هذا التصور مبني على واقع وإيقاع وطبيعة الإجراءات في السودان، إذا كان الواحد منا (روحو بتتسل) لما يقارب أسبوعين حتى يحصل على جواز إلكتروني فكيف ستقيدون هذه الملايين في أربعة أشهر؟.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين
نحن لسنا بحاجة لرقم وطني لإثبات سودانيتنا. مسئولي نظام البشير والبشير نفسه هم الذين يحتاجون إلى رقم وطني وتغيير جذري في سلوكياتهم وطريقة تفكيرهم وجميع تصرفاتهم وسياساتهم لإثبات سودانيتهم، أما نحن فبحاجة لكي نشعر بسودانيتنا الحقيقية، سودانية المرؤة والشهامة والكرم والشجاعة والإنجاز والبطولة والسمعة الطيبة وإطعام الجائع وإكرام الضيف والموت في سبيل العرض والوطن والدين!
نحن لسنا بحاجة لرقم وطني لإثبات سودانيتنا. كيزان نظام البشير والبشير نفسه هم الذين يحتاجون إلى رقم وطني وتغيير جذري في سلوكياتهم وطريقة تفكيرهم وجميع تصرفاتهم وسياساتهم لإثبات سودانيتهم، أما نحن فبحاجة إلى التخلص من البشير وكيزانه لكي نشعر بسودانيتنا الحقيقية، سودانية المرؤة والشهامة والكرم والشجاعة والإنجاز والبطولة والسمعة الطيبة وإطعام الجائع وإكرام الضيف والموت في سبيل العرض والوطن والدين!