من صنع الدولة العميقة؟!
أتفق تماماً مع الأخ الزميل “محمد لطيف” في حديثه الذي قاله عبر برنامج (الصالة) بفضائية الخرطوم، حيث قال إن (مراكز الدولة العميقة) تحارب الوالي الجديد “عبد الرحيم محمد حسين”. ولربما يبدو في بادئ الأمر أن هذا الحديث غريب وغير ممكن فكيف تستطيع مراكز دولة عميقة أن تحارب رجلاً هو الأقرب لمؤسسة الرئاسة والجيش واتخاذ القرار، لكن رجاءً لا تستهينوا أبداً بمستصغر الشرر ولا بـ(الريكة القلبت القندول).. ودعوني أقول إن الإنقاذ ومنذ مجيئها وكارثة (التمكين) التي أمسكت بها على مفاصل الدولة بشكل خطير بذرت دون أن تدري بذور هذه الشجرة وسقتها بمرور الأيام والشهور والسنوات لتصبح شجرة لها جذورها وسيقانها وفروعها، وبالتالي انقلب السحر على الساحر وتمددت مراكز القوة لتصبح في أكثرها تلعب على حبل المصالح الشخصية المفرطة في الأنا والذات!! وكدي وبنظرة بسيطة دعونا نسقط الأمر على أية مؤسسة من المؤسسات ونسلط على تفاصيلها ما يكفي من الأضواء الكاشفة لنكتشف أن كثيراً من المديرين والوزراء صحيح هم من يبصمون ويوقعون ويخاطبون لكن (الشغل) يدوره من هم خلف الكواليس، وعلى فكرة هم قانعون بهذا الدور بعيداً عن الأضواء طالما أنهم يديرون المسألة بالريموت كنترول.
لذلك فإن وجود دولة عميقة هو أمر يجب علينا الاعتراف به وتصديقه خاصة في هذه الولاية الكبيرة التي تتداخل وتتقاطع فيها المصالح بشكل كبير، جعل كثيرين ممن تداولوا المناصب في لعبة كراسي عجيبة وكأنه كتب لهم الخلود فيها، والشخص لا يعفى من منصب إلا ليتولى آخر رغم أنه قد لا يكون للمنصب الأول علاقة بتخصص الثاني لكنه لا يعفى ولا يذهب وهو وحيد زمانه والمرضي عنه والفاهم كل شيء، لذلك ممكن جداً يدير مؤسسة لها علاقة بالفيزياء وأخرى بعلم الحديث والتجويد، وليس في الأمر عجب، وأمثال هؤلاء حينما يذهبون وبطول المدة يصبحون دولة داخل دولة وسلطة داخل سلطة، يعرفون من التفاصيل والدروب ما لا يعرفه والٍ أو وزير، وبالتالي ممكن (يدودروا بيه) ويودوه البحر ويجيبوه عطشان، فقط لا تتضرر مصالحهم ولا تتأثر مواقفهم.
طيب النرجع لكلام “محمد لطيف” القريب جداً من الوالي الذي يشكو ويمتعض من هذه الدولة العميقة لنسأله من الذي تسبب في أن تصبح هناك دولة عميقة تحكم وتحرك وتسير؟ فهؤلاء لم يأتوا من المريخ والسيد الفريق الوالي لم يأت من عطارد، وموقعه السيادي يحتم عليه أن يكون مطلعاً على كل ما يدور في الخفاء والعلن، وهو شريك بلا شك في سياسات أفرزت مثل هذه المراكز العميقة اللعينة، لذلك لا ينفع ولا يليق به أن يجلس في موقع الضحية بقدر ما يليق به في الفترة القادمة أن يكون الخصم والحكم حتى تنزوي وتنمحي وتضمحل هذه المراكز والتسوي بإيدك يغلب أجاويدك ولاّ شنو يا سعادتك؟!
{ كلمة عزيزة
شاهدت الفيديو الذي تحدثت فيه زوجة مؤسس موقع “الراكوبة”، الذي وجهت فيه اتهاماً للحكومة السودانية بأنها تسعى وبالاتفاق مع السلطات السعودية لتسليم الصحافي “وليد” لها، وقالت بالحرف الواحد إن تسليم زوجها للسودان يجعله يدخل إلى الجحيم برجليه، والحكومة السودانية نفت على لسان سفيرها أن هناك تنسيقاً لتسليم “وليد” إليها.. ما يحدث الآن هو حالة ضبابية لا معنى لها، والرجل في النهاية سوداني، مؤيداً أو معارضاً، يتمتع بحقوق المواطنة، وعلى الحكومة أن تستفسر السلطات السعودية عن أسباب اعتقاله لأنه لو كان المعتقل سعودياً فما كانت ستمر القضية بهذه المنعطفات الهادئة والحكومة التي تفرد جناحيها بالسلام وتدعو للحوار مع حركات سبق لها أن رفعت السلاح وأراقت الدماء ليس صعباً ولا غير منطقي أن تحمي مواطناً سلاحه القلم وساحة حرية (بوست) على صفحة!!
{ كلمة أعز
نقلت الصحف حالة التذمر والتململ التي سادت نواب البرلمان إثر تذبذب التيار الكهربائي الذي أثر على (الكندشة) في قبة البرلمان، ولعلها فرصة أن يتذوق نوابنا المحترمون علقم قطوعات الكهرباء، وكيف أن الشعب الطيب ده (ماكِلها في حنانو)!!
عفواً أستاذة أم وضاح الجملة الآتية غير صحيحة( (الريكة القلبت القندول).. والصحيح هو:- “القندول الشنكل الريكة” وقد جاءت هذا الجملة في كاريكاتير للراحل عز الدين في ستينات القرن الماضي، وقِيلت في سياسي صال وجال في السياسة السودانية وما زال رغم تقدمه في العمر يحلم بأن يحكم السودان وهو حالياً معارض خارج السودان ،عِلماً بأنه حكم مرّتين وكانت نهاية حكمه بإنقلابين عسكريين شهيرين. هذا ما لزم توضيحه ولك كل الإحترام والتقدير.