إسلامي ولكن..!
«الاقتصاد هو العامل الأساسي في تشكيل الحياة».. كارل ماركس..!
الاقتصاد الإسلامي كمبحث علمي أكاديمي انطلق في منتصف الستينيات، ثم اكتسب قوته بسبب ارتفاع أسعار النفط في السبعينيات، لكنه فشل في تحقيق أهداف قيامه من إلغاء الربا، وتحقيق مبدأ المساواة الاقتصادية، وتأسيس أخلاقيات عمل شرعية..!
ولا يوجد مكان في العالم تم تطهير معاملاته الاقتصادية من الفائدة، ولا تتمتع الأسلمة الاقتصادية بتأييد ودعم جماعي في أي مكان في العالم، ولم يتحقق «في أي مكان» هدف تخفيض أو تقليص عدم المساواة عن طريق فرض ضريبة الزكاة، كما لم يكن لتجديد التأكيد على المباديء الأخلاقية الاقتصادية أي تأثير يُمكن حسابه على السلوك الاقتصادي المعاصر في البلدان الإسلامية بسبب التضارب والصراع القائم بين بعض عناصر جدول الأعمال الاقتصادي الإسلامي وبين طبيعة عمله نفسها..!
وعليه فمن المحتمل أن يتسبب الاقتصاد الإسلامي في زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي إذا استمر الإصرار على تحريم دفع أو استلام الفائدة، وهو بهذا يشكل أهمية اقتصادية تافهة.. لكنه يمثل خطراً سياسياً كبيراً..!
الكلام أعلاه بعض ما جاء في مقال بعنوان «الاقتصاد الإسلامي.. ما الذي يعنيه» لدانيال بايبس مؤلف كتاب «الأيدي الخفية ومخاوف شرق أوسطية من المؤامرة»، ومبتكر مصطلح «الرعب الإسلامي»، والباحث الاقتصادي الذي اجتهد في إقناع العالم بأن الآليات الاقتصادية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لا تستطيع أن تتحدى النظام المالي الدولي.. وهو – كما نرى – كلام مردود على صاحبه، وكذب منهجي تدحضه شواهد يصعب حصرها..!
عندما هاجر رسولنا الكريم إلى المدينة لاحظ هيمنة اليهود على سوقها، فأمر ببناء سوق خاص بالمسلمين بلا أتاوات وبأحكام خاصة بالمعاملات والعقود والبيوع بقيت مضمنة في كتب الفقه الإسلامي.. ثم جاء خبراء كثر في الاقتصاد العالمي – باركوا تطور علم الاقتصاد الإسلامي، وعاصروا نشأة البنوك الإسلامية بصورتها النهائية الحديثة – فعقدوا مقارنات جادة وعميقة بين عدالة المعاملات المالية في الإسلام والبعد غير الأخلاقي في معاملات الرأسمالية الغربية..!
ولعل من أكبر شواهد اللجوء الغربي إلى الاقتصاد الإسلامي في العصر الحديث، قرار الهيئة الفرنسية العليا للرقابة المالية – إبان الأزمة الاقتصادية العالمية – بمنع تداول الصفقات الوهمية والبيوع الرمزية التي يتميز بها النظام الرأسمالي، واشتراط التقابض في أجل محدد بثلاثة أيام لا أكثر من إبرام العقد، وهو ما يتطابق مع أحكام الفقه الإسلامي.. فضلاً عن قرارها الذي سمح بالتعامل مع نظام الصكوك الإسلامي في السوق الفرنسية..!
ومع ذلك نقول – بعيداً عن تحامل المتحاملين، وبمنأى عن تشدد المتشددين – إن فقه معاملاتنا المالية الذي تستند إليه الرقابة الشرعية على المصارف يحتاج إلى تطوير منهجي، وإلى تشريعات مواكبة لمستحدثات هذا العصر من الملمات والمكاره والموبقات الاقتصادية التي تفرضها قسوة العالم المادي..!
اقتصادنا الوطني بحاجة إلى قراءات متأملة في جدوى بعض وجوه الرقابة الشرعية الصارمة على معاملات البنوك، وحتى لا نوغل بعيداً – فنتهم في ديننا !- دونكم بنوك الدولة السعودية «أرض الحرمين»..!
أصلاً الشريعة الإسلامية منزلة كاحكام من لدن (حكيم خبير) والتشريع الإسلامي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (كقواعد) منزلة ولكن المحك في (التطبيق) فالنفس البشرية أصلاً مخلوقة من (طين) الدنيا (الدنية) ومن (روح) سماوية إلهية … الطين يجذب الإنسان في الممارسات للأدني وهو حب الدنيا وشهواتها والتحايل على الدين والمتاجرة به ولي عنق الأحكام لتتوافق مع هوى النفس الأمارة بالسوء … أما (الروح) الإلهية المنفوخة في الجسم البشري فتجذب الإنسان فطرياً لأعلى والسمو بالنفس عن الشهوات وملذات الدنيا وتنكب الهدي الإلهي والطريق المستقيم وهما طريقان كل منهما يوصل إلى عكس الآخر في الدنيا والآخرة والإنسان بفطرته يميز بين الطريقين في نفسه ورسولنا الكريم ضح معالم الإثم بقوله : ( الإثم ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس) وقال : ( استفتِ قلبك وإن أفتوك وإن أفتوك وإن أفتوك) المهم في الأمر أن ما يتم الآن في بنوكنا التي تسمى إسلامية …لا يمت للإسلام بصلة لأنها تأكل الربا وتوكله تحت غطاء الدين وبمسميات ما أنزل الله بها من سلطان فتأخذ الفوائد الربوية تحت أسماء : المرابحة والمضاربة وغيرها ، فإذا تم تطبيق الإقتصاد الإسلامي بصورة صحيحة فذلك هو المطلوب والمرغوب ولن يعطي للخواجة الذي أوردتي رأيه في الإقتصاد الإسلامية فرصة للتطاول على التشريع الإلهي المنزه .