عِبر أليمة من وحدة الدماء والدموع
بين يدي الزيارة التي قام بها الرئيس اليوغندي يوري موسيفيني للخرطوم وكذلك التي يقوم بها رياك مشار الذي كان حتى وقت قريب نائبا للرئيس سلفاكير وهما وغيرهما يتكأكأون بحثاً عن سلام عزيز يعيد لدولة الجنوب الجديدة الأمن والاستقرار الذي افتقدته بعد أن دخلت في نفق الحرب الأهلية الطاحنة التي لا أرى بارقة أمل في أن تضع أوزارها..وفي ظل هذا الظرف العصيب الذي يمسك بخناق الجنوب دعونا نسترجع بعض الدروس والعبر في شأن ما جرى ويجري في جنوب السودان.
إنها رسالة الدروس والعبر إلى من لا يزالون ينتحبون حزناً على قطعة أرض ملغومة بالمتفجرات ظلت تفتك بجسد السودان على امتداد نصف قرن من الزمان .. قطعة أرض نجا منها السودان وفرّ بجلده بعد عقود من العذاب وبدأ يتعافى من الشظايا التي لا يزال بعضها مغروساً في أحشائه ومرارته التي كانت تنفقع يوميا طوال تلك السنين العجاف.. أقول لبني وطني اقرأوا بالله عليكم ما حل بمن كانوا يحلمون بالفردوس الأعلى في الدولة الحلم التي ظلوا في سبيلها يحاربون من أطلقوا عليهم اسم المستعمرين ولم يحتفلوا باستقلالهم إلا بعد أن غادروهم . اقرأوا كيف قتلوا بعضهم بعضاً ولا يزالون في بلاد استوطنتها الحرب الأهلية وبلغ بهم سوء المآل درجة أكل لحوم بعضهم كما صورتهم وكالات الأنباء واعترفوا بذلك بألسنتهم.
أحكي لكم ما حدث لبعض من أكل الحقد على الشمال وأهله أكبادهم .. أين هم الآن؟.. بيتر عبد الرحمن سولي.. باقان أموم .. دينق ألور .. كليمنت واني كونقا. نماذج فقط للتذكير بما جرته الكراهية من وبال على أناس ساقهم الحق الأعمى إلى هاوية المجهول فأي الفريقين كان بعيد النظر ، نحن الذين كنا ننظر بعين زرقاء اليمامة نحو الشجر الزاحف نحونا أم أولئك القصيري النظر من أبناء الجنوب الذين ما دروا أنهم بسعيهم نحو الانفصال كانوا يسعون إلى حتوفهم بأظلافهم أو من أبناء جلدتنا من الشماليين الذين كانوا يتغنون لوحدة ملغومة لم يروا منها سوى الدماء والدموع والموت الزؤام؟!
هل تذكرون باقان ؟ ذلك اللئيم الحقود رفيق ياسر عرمان في شيوعيته وحقده وكيده للشمال وأهله ؟ هل تذكرون عباراته وهو يغادر السودان فرحا بالانفصال حين قال .. (ارتحنا من وسخ الخرطوم ..باي عرب.. باي باي للعبودية) ؟.. باقان سجن بعد أن غادر إلى جنته الموعودة وأوشك أن يفقد حياته لولا الحماية التي أسبغتها عليه أمريكا عبر سفارتها ورفيقة نضاله ضد السودان سوزان رايس.
دينق ألور ..ذلك الذي ترك دينه الإسلام بغضاً للشمال وأهله ظل يحيك مؤامرات ضم أبيي لدولة الجنوب.. هو كذلك تعرض للإذلال والسجن والتضييق وكاد أن يفقد حياته كذلك يوم تفجر الصراع في جوبا وأودى بحياة الآلاف في أيام قليلة بين من كانوا يظنون أنهم أبناء وطن واحد يسمى جنوب السودان.
هل تذكرون بيتر عبدالرحمن سولي الذي كان الحقد الأعمى على الشمال والشماليين يملأ عليه حياته لدرجة أن يرتد عن الأسلام كما فعل دينق ألور بغضاً في الدين الذي يعتنقه الشماليون بالرغم من أن والده شيخ وإمام جامع (كمان)؟ بيتر هذا الذي حدثت بيني وبينه ملاسنات ومساجلات أيام الانتباهة ونشرت بعض ردوده في مساحتي تنضح حقداً عنصرياً يقطر دماً من الكراهية كان من أكبر المتحمسين للانفصال وكان يقود حزباً سياسياً جنوبياً اسمه (يوساب) في انتظار مولد (الفردوس الأعلى) المتمثل في دولتهم المستقلة عن دولة الجلابة المندكورو .. أين يا ترى بيتر سولي الآن؟.
لقد قُتل الرجل مؤخراً بعد أن تعرض للتعذيب والسجن في فردوسه المفقود بمؤامرة شاركت فيها الاستخبارات اليوغندية التي كانت تخشى من تحالف يضم الاستوائيين الذين ينتمي إليهم سولي هذا وقبيلة الأشولي التي تقيم في الشمال اليوغندي وتشن الحرب على موسيفيني.
لقد أنهى موسيفيني الذي يحكم دولة الجنوب الآن زيارته للسودان والتي ما قام بها إلا خوفاً من تداعيات حرب الجنوب على أمن دولته، ولكن صدقوني أن المشكلة في جنوب السودان أكبر من أن تعالج بالمسكنات ومن مصلحة السودان ان يستقر الجنوب ذلك أنه يدفع الآن ثمن الحرب والبؤس الذي يمسك بخناق الجنوب، وما الهجرة المليونية للنازحين الجنوبيين والتأثير على أمن السودان واقتصاده وأحواله الصحية والاجتماعية إلا غيض من فيض من تأثير ما يجري في تلك الدولة الغارقة في الفوضى والفشل الذريع فهل آن الأوان لاستقاء الدروس والعبر من تجربة وحدة فرضت على شعبين لا رابط بينهما إلا ما يربط بين السماء والأرض بعد أن دفعنا ثمناً غالياً من دمائنا ومواردنا وأمننا واستقرارنا على مدى عقود من الزمان؟
يا خال معظم ما قلته صحيح و لكن الشظايا ما زالت مغروسة وكله بسبب تصرف الذين يحكمون الان لانهم ينظرون تحت اقدامهم وممكن تسأل اخي عمر عن ال 13 مليون دولار التي جاءت لناس السيول و الامطار اين ذهبت ما تخاف مش حافتح بلاغ في اخوي بس مجرد سوأل.