أبشر الماحي الصائم

سعادة اللواء قدور يتحسر

وصلتني عبر البريد هذه التساؤلات المقلقة من طرف سعادة اللواء يسن قدور.. على أن ثمة معرضاً زراعياً دولياً سيقام بالرياض بالسعودية.. تشارك فيه 37 دولة منها مصر والأردن وغيرها من الدول وليس من بينها الخرطوم عاصمة الزراعة العربية.. التي يفترض ألا يقوم منشط عربي زراعي إلا بإذن منها.. أو هكذا يجب أن تكون.. وستعرض فيه ماكينات تغليف المحاصيل الزراعية وخلافه من المشاريع في مجال الصناعة الزراعية.. يتساءل سعادة اللواء.. أفلا توجد في السودان محاصيل زراعية للترويج لها في هذا المعرض !! أو عرض مشاريع صناعات زراعية لمستثمرين سودانيين للمشاركة مع مستثمرين خليجيين وخلافه!! إنه حقا لشيء مؤسف للغاية ألا يكون السودان حضورا في هذا المنشط الزراعي المهم.. على أن الدعوة مفتوحة والمشاركة تعتمد في هذه الحالة على همة البلد واهتمامها.. أتمنى أن يتم تدارك الموقف والموافقة على المشاركة المشرفة!!
* سيدي سعادة اللواء.. هذه هي قصتنا، الحقيقية = المنسية =.. أصدقكم القول لو أن هذا المنشط كان منشطا سياسياً.. ولو في الصين أو أقاصي الدنيا لبذل القوم إليه المطايا والحوايا !!
سيدي نحن بلد سياسي بامتياز لا شغل لقادته ونخبه وشعبه سوى (الإنتاج السياسي) وطواحين الهواء!! وبإمكانك الآن أن تنظر في كل فضائيات وفعاليات الساحة السياسية من أقصى اليمين إلى (أقسى) اليسار.. ستجد لا محالة الورش عن 7+7 و 9+9 !! والمؤتمرات والسمنارات التي تتحدث عن قسمة الثورة والثروة.. أو أننا مستغرقون للآخر في حالتنا الغنائية التي بفضلها بتنا أقرب إلى لقب (السودان ثلة غناء العالم) !! وفي المقابل لن تجد ولو ورشة يتيمة عن (تطوير الصادر) والتغليف والحفظ والتطوير.. أو سمنار يتحدث عن (ثورة الصناعات التحويلية).. هل تصدق سيدي نحن الأمة التي يبلغ صفيحة الطماطم في أوج موسم أسواقها ثلاثة جنيهات.. ولأننا لا نملك مصانع تحويلية بسيطة.. نضطر أن نقذف بالمساء بتالف الطماطم إلى مكب النفايات ثم في الصباح نذهب إلى السوبرماركات إلى شراء الصلصة المستوردة!! وذات المصير الذي آلت إليه الطماطم.. ينتظر أخواتها وإخوانها من البصل والليمون والموز والمانجو والبطيخ والتمور!! والآن بإمكانكم أن تنظروا في أسواق المملكة العربية السعودية كأكبر وأقرب سوق، إذ يفصلنا عنه البحر الأحمر الذي لا يتحاوز الخمسمائة كيلو.. ستجد في هذه السوق كل منتجات الأمم التي تأتي عبر مسيرة آلاف الكيلومترات.. ولن تجد منتجاً واحداً من الجارة السودانية التي يفترض ألا ينافسها أحد في الأسواق الغذائية الخليجية.. وهذه القصة لن تحتاج بطبيعة الحال إلى استيراد اسبيرات ممنوعة من واشنطن!! فإنها قصة كل فصولها بأيدينا!!
* سيدي سعادة اللواء.. نحن كأمة سودانية لم نتحول بعد من المزاج السياسي إلى المجال الإنتاجي.. لم نبلغ بعد مرحلة وضع الأجندة الاقتصادية والإنتاجية على طاولة اهتماماتنا وأجندتنا.. فعندما يتحول مزاجنا كنخب وأحزاب وشعب وحكومات إلى ميدان ومبدأ الزراعة.. ساعتها سيكون في الإمكان إقامة صناعات تحويلية بسيطة تنقذ منتوجاتنا من مصير (مكب النفايات) إلى صيرورة دفع ميزان الصادرات.. وسيكون لنا يومها صولات وجولات في السمنارات والمنتديات.. ولنا عودة بحول الله وقوته.