قُبل تُزهر في محطات القطار (2)
لو أنّ هذا العاشق الصيني سقط من القطار، أثناء قبلته المجنونة تلك، لربما كان أهدى حبيبته صفقةَ عمرها، ببيعها صورته في سوق الرومنسية الجديدة، وهو يتهشّم على الأرض، كدليل على الوجه الجديد للصين، التي لم يكن يسمح لها سابقاً سوى بتقبيل صورة الرفيق ماوتسي تونغ المعظّم، ولصَدَقَ آنذاك قول الراحل أنسي الحاج: “كلّ من أحببتهم سقطوا من القطار” نظراً لتزايد ظاهرة الانتحار لدى الشباب الصيني ، كما تقول الإحصائيات.
أمّا في مصر، فقد حُكم على عامل بثلاث سنوات سجن لمحاولته تقبيل سيّدة أجنبيّة داخل مسكنها. ولأنّ المتهم لم يفهم كيف لقبلة أن تكلّفه هذا الثمن في بلد أجاز فيه البعض لنفسه التحرش بأية فتاة في الشارع أو الحافلة. فقد راح يشتم هيئة المحكمة التي ردّت عليه بحبسه سنة إضافية.
أرى أن الشعراء العرب يتحمّلون أيضاً جانباً من المسؤولية ، حين أقنعوا أتباعهم ، بأنّ الشفاه كالقلاع لا تؤخذ إلاّ عنوةً وكثرةً . وقد قال أحدهم ” وقبّلتها تسعاً وتسعين قبلةً – وواحدةً أخرى وكنت على عجل ” .
إذا كان مالك حدّاد يقول “الدقيقة والدقيقة لا تساويان لدى العشّاق دقيقتين، بل قبلتين ” فهي لغير العشّاق من لصوص القُبل قد تساوي أربع سنوات . . سجن !
وإن كانت “القبلات مثل الدموع الحقيقية منها هي تلك التي لا يُمكن استرجاعها مرة أخرى” فذلك لكوننا نترك في القُبل أرواحنا ، التي يحدث أن تغادرنا، إلى شفاه نخشى أن لا تمنحنا الحياة فرصة لثمها مرة أخرى.