وقف الحرب.. سؤال يتجدد
* ربما كانت الحرب هي بيت القصيد (المنشود) في هذا المؤتمر، وفي كل الحوارات والمؤتمرات، على افتراض أنها السبب المباشر في عمليات الموت والنزوح والتشريد وتحطيم المكتسبات الاقتصادية ووقف عمليات إهدار الموارد، وقفل منافذ الأمل والأماني والمستقبل أمام الشباب والأجيال!!
* لكن يبدو أن لكل شيخ ورئيس حركة وحزب طريقته ورؤيته في هذا الملف الشائك.. على أن أسوأ أطروحة في هذا السياق هي رفض بعضهم مبدأ المشاركة في أي حوار حتى تضع الحرب أوزارها!! برغم أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا.. فلئن كنا قادرين على وقف الحرب بدون مشقة الجلوس إلى مائدة حوار.. إذن ليست هنالك أصلا حاجة إلى إرهاق خيل الجموع، وإهدار الوقت والمال والأجندة والأجاويد ودق طبول الحوار الوطني !! فالذي يجب أن لا تنتطح عليه عنزان.. هو أن المبدأ الأسمى الذي نتنادى له من كل حدب وصوب.. هو لعمري كيفية إدارة خلافاتنا بعيداً عن ثقافة (صندوق الذخيرة) والاحتراب !!
* ويبدو، والحال هذه، أن هنالك حركات وأحزاب ليس بإمكانها تحقيق أهدافها وأمانيها إلا عن طريق آلية الحرب ذاتها !!
فلعى الأقل أن عمليات تداول السلطة عبر آليات الحوار والديمقراطية وحكم الأغلبية.. لن تفضي بها إلا إلى نصف قرن آخر من العزلة!! فبامكانكم أن تستدعوا كل المسوغات التي يتدارى وراءها اليساريون السودانيون في كل مرة يتخلفون فيها عن ركب قاطرة الحوار الوطني، ستجدونها تدور حول المطلب التعجيزي الذي يقول (بوقف الحرب) ضربة لازب! كما لو أن هنالك زراً بيد أحد، فيضغط عليه، فتقف هذه الحرب اللعينة !!
* يجب أن ندرك تماما، إن هؤلاء ليس لهم مصلحة في عملية وقف الحرب التي ينادون بوقفها، والتي إذا ما وقفت فإن كثيرا من المنظمات والمناضلين والثوار سيجدون أنفسهم بلا عمل !!
* وثمة سبب آخر يجعلهم يتمسكون بفرية (النضال الثوري).. هو أنهم لا يمتلكون ثمن استحقاقات التعددية الديمقراطية حال ما انتهت إليها آليات الحوار الوطني، وأعني الجمهور الذي ستملأ به صناديق الانتخابات البرلمانية والرئاسية !!
* وحتى يوحي اليساريون أنهم يمتلكون أصواتاً عديدة، فهم يتوزعون على تجمعات ومسميات هلامية تستطيع أن تصدر عشرات البيانات الثورية في اليوم والليلة الواحدة، غير أن وراء كل ثورة وتجمع الرجل والرجلين، الكادر والكادرين، الثائر والثائرين !!
* يا جماعة الخير، إن المسؤولية الأخلاقية والوطنية تحتم عليكم ألا تلتفتوا إلى تلك الأصوات التي تعد على أصابع اليد، وأن تمضوا كقوة وطنية إلى إقرار (دولة القانون) والتداول السلمي للثروة والسلطة، ومن ثم الخروج ببرنامج اقتصادي متقن يتدارك حال المواطن الذي أنهكته نزوات وحظوات النخب في التسابق والتزاحم حول كراسي الحكم.