مواسم العودة إلى الوطن
هنالك على الأقل وزارة متخصصة ومجموعة مؤسسات تضطلع بمسألة استقطاب المستثمرين بالخارج، وتبذل لهم الكثير من الجهد وتمنحهم المزيد من الحوافز، وتقوم بتعديل اللوائح من وقت لآخر وتطوع القوانين وتذلل لهم كل الصعاب، كل ذلك لأجل النهضة الاقتصادية المرجوة، غير أن الناتج الاستثماري برغم كل تلك الخطوات كان دون هذا الجهد المبذول، وأقل بكثير من المأمول!! ويحق لنا هنا أن نتساءل، إن كنا بالفعل قد استنفدنا كل الخطط والخطوات والرجاءات لاستقطاب المستثمر الوطني بالداخل!! وإن كنا في المقابل قد استعجلنا في أن نقم عليه مأتما وعويلا، قبل أن نعطيه فرصا كافية ونبذل له ما يكفي من الملتقيات والمشهيات والاحتفالات والمؤسسات التنظيمية، كأن نؤسس له (جهاز شؤون المستثمرين بالداخل)!! فعلى الأقل كما في المثل (ماحك جلدك زي ضفرك)!! غير أن الأقربين أولى بمعروف الحوافز والهدايا وتطويع القوانين وتهيئة المناخ!!
* أستدعي هذه الفكرة وأطرق عليها مجدداً، على أدب الطرق على الحديد وهو ساخن، ومقال الأمس لم بجف مداده بعد، بحيث قرعنا فيه ما يكفي من الأجراس ليستيقظ القوم، ونحن ندعو لتدارك أجراس شركة كنار التي تعرض في سوق الله أكبر مثلها ومثل كل السلع، على أن خطورة هذه الصفقة إذا ما تمت لصالح المستثمر الأجنبي الذي يتربص بها، ستكون ذات خسائر استراتيجية وسيادية واقتصادية باهظة!!
* ومن ثم كانت دعوتنا في المقابل لإعادة الثقة في المستثمر المحلي، واستنهاض رأس المال الوطني وتقديم المزيد من التطمينات والحوافز حتى يصبح مؤهلا لريادة نهضة بلاده، فالأوطان يبنبها بنوها في المقام الأول والأخير .
* فالذين يقرأون هذه الزاوية ربما وقفوا على رأينا السالب في عمليات (التمويل الأصغر)، التي أهلكت سقوفاتها المليارية في اقتناء الركشات، فلا أرضا قطعنا ولا ظهرا أبقينا لاقتصادنا المنهك، فليس ما نجح عند الأسر الآسيوية المنتجة بالضرورة أن ينجح في بلاد النيل والشمس والركشات!! فنحن يصلح لنا تاريخيا ونفسيا وفلسفيا (التمويل الأكبر)، كأن نعطي رجل أعمال كبير يمتلك مؤهلات أخلاقية وتجارية وإدارية معتبرة، نعطيه تمويلا كبيرا هو جماع تمويلنا الأصغر، فيصنع لنا مؤسسات إنتاج ضخمة، ومن ثم نكون له عمالا وشغيلة و.. و..
* فمن هنا نجدد الدعوة لحكومتنا بأن تحتفل مجددا بالمستثمر المحلي وتعيد الثقة في قطاعنا الخاص، الذي يستوعب الملايين بينما في المقابل تعجز الحكومة في استيعاب يضع مئات الآلاف، وللحديث بقية.