أسئلة تعسفية جدا!
شئت أم أبيت سيبدأ طفلك – وفقا للفطرة البشرية والتدرج الإنساني – في مباغتتك بأسئلة تعسفية محرجة والتقاط التفاصيل الصغيرة ليطلق حولها ملاحظاته الخاصة!
وقبل استعراض النماذج علينا أن نؤكد أن هذه تعد ظاهرة صحية تشير إلى تمام عافيته الذهنية.. إذا أنه يبادر بذلك مدفوعا بالمنطق المتعطش داخله لبلوغ تمام الارتواء.
فلا تستنكر أسئلته المحرجة حول الخالق والكون والظواهر والأشياء والسلوكيات والأنواع والكيفية التي أتى بها إلى الحياة!!
والأخيرة هي أكثر الأسئلة التي تسبب قلقا وحرجا للوالدين.. فيعمدان للمراوغة والهروب من الوقائع المباشرة على اعتبارها خادشة للحياء أو عورة يجب سترها!
وبغض النظر عن ترسبات التربية والأعراف والبيئة المتكلسة في عقولنا وسلوكنا وأسلوب تفكيرنا وتفاصيل حياواتنا فالحقيقة المجردة هي أن أطفالنا يظلون يبحثون عن إجابات مقنعة وضافية لو لم نوفرها لهم بالشكل الملائم فسيبحثون عنها خارج جدران المنزل وما أكثر الوسائل التي يمكنها أن توفر مئات الإجابات على أيامنا هذه.. وهو ما يضعنا سريعا في موقف لا نحسد عليه إذا ما كنا قد عمدنا للكذب أو التهويم ونحن نجيب عن الأسئلة المطروحة أيا كانت!
الكذب حبله أقصر من المعتاد في ما يتعلق بما نملكه لصغارنا من معلومات حول أسئلتهم التعسفية السافرة حول اﻷمور الجنسية تحديدا.. وهي العبارة التي ترددت في كتابتها مثل ما نتردد في تداولها ومثل ما نظل نمارسها بخجل ونصنفها في أعلى قوائم العيب والممنوع حتى في إطارها المشروع!
وهذا ما جعل جهلنا في هذه الجزئية المهمة من فطرتنا الإنسانية متوارثا.. ونظرتنا لها قاصرة.. ومشاكلنا فيها متفاقمة.
مشاكل مسكوت عنها على فراش الزوجية.. وإجابات قصيرة مقتضبة وجافة نلقيها في وجوه أبنائنا أو ننتهرهم بعنف ليكفوا عن الحديث في مثل تلك الأمور فنرسب في عقولهم المزيد من الحيرة والقلق والتساؤلات.. وسرعان ما تلتقط عقولهم المزيد من الإشارات على مر السنوات من المسلسلات والشبكات العنكبوتية والأصدقاء والرفاق.. وهي في الغالب تفاسير منحرفة تمضي بهم للتهلكة!!
وربما لا يمكننا وضع منهج واضح للإجابة عن أسئلة الأبناء.. وكثيرا ما يحدث تضاد في أساليب الوالدين وهو ما يجب الاتفاق عليه ومناقشته كجزء أساسي من تربية الأبناء.. الإجابات يجب أن تكون محددة ومتفقا عليها.. ولا نلجأ للحكايات الخرافية والأكاذيب.. ما ضيرنا إن قلنا لأحدهم مثلا عندما يسأل عن كيفية ولادته: (لقد أحببت أمك وتزوجتها وعانقتها وفقا لذلك الزواج فنبت أنت في بطنها من فرط حبنا وأنجبتك بعملية جراحية بسيطة في المكان المعين وها أنت بكل جمالك.. وبعد أن تتزوج ستنجب ابنا مثلك.. ولكن الزواج هو الشرط الأساسي للعناق والإنجاب)؟!
والأم بالمقابل تختار إجابة مناسبة في ذات الإطار.. ولا أرى في الأمر ما يريب أو يسبب الحرج أو يضر الطفل أو الوالدين!!
الحديث في هذا الأمر طويل ومهم ويحتاج عودة لمرات.. ولكن علينا أن نتفق أن الكذب والردع والمراوغة لن تربي طفلا سويا أو مهذبا.. إخفاء الحقائق هو الذي يدفع الأبناء للتقصي الخارجي وعزل حياتهم الخاصة وكل ما يترتب عليه من انحراف.
تلويح:
الحنان هو الإجابة الشافية لكل أسئلة الأطفال التعسفية.