كل الناس أعلم منك يا عمر
احتفلت كثير من الأقلام والأسافير بخطبة الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف الأخيرة التي قال فيها بعدم جواز التحلل، على أن ذلك ما لم يقل به سلف هذه الأمة و..و. احتفلت هذه الأسافير لدرجة أن بعضاً منها بدأ يؤرخ لمسيرة شيخ عبد الحي يوسف الدعوية بهذه الخطبة !!
* وﻻ ذنب للشيخ الدكتور عبد الحي يومئذٍ سوى أن أدلى بدلوه، في قضية أقامت الدنيا ولم تقعدها وأصبحت حديث العامة، على أن لفضيلة السادة العلماء مسؤولية أخلاقية وعقدية في ما يلتبس من أمر الدين على عامة الناس، ومسؤولية مضاعفة تجاه نصح الحكام وتقويمهم، فهم ﻻغيرهم من تقع على عاتقهم عملية تصويب المسيرة القاصدة إلى الله عز وجل .
* وﻻينقص من خطبة الشيخ عبد الحي ونصيحته أن قالها في وضح النهار ، على أن بعض المشفقين، تمنوا كما لو كانت هذه النصيحة في أطر مجالس وهيئات الفقه التي يتمتع الشيخ بعضويتها !!
* لعل في حيثية وجهرية هذه النصيحة ثمة رسالة بليغة من الشيخ للحكومة ، بأن الذي يجمعنا هو ” الدين والنصح والحق ” .. على نحو دﻻلة الحديث الشريف ” انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً” .. على أن ترده عن الخطأ .. !!
* بعد هذه الخطبة الجهيرة يستوجب على الحكومة أن تعيد النظر في “فقه التحلل” ومن ثم تعيد كل الأحكام التي بُنيت عليه، بما في ذلك قضية مكتب الوالي !!
* لحسن الحظ أنَّ “الشريعة الإسلامية” التي ننشدها تجعل من قيمة الرجوع إلى الحق فضيلة ومكرمة وثواباً وأجراً وفيراً، وخيراً في الدنيا والآخرة، على أن المحظور هنا هو التمادي في الخطأ من بعدما تبيَّن الحق .. !!
* ثم.. من قال إن “دولة الشريعة” هي دولة الملائكة التي ﻻتقبل الخطأ !! .. بل هي لعمري (دولة خير الخطائين) التوابين، الذين يصيبون ويخطئون ويقاربون ويسددون ..
* أذكر مقولة للشهيد عبد السلام سليمان على صدر التسعينيات ، والأشواق خضر والتطلعات، قال إن مهمتنا ليست سهلة إذا كان الشيوعيون السودانيون، ﻻ يقبلون بأقل من أن يرقد الرئيس عمر البشير تحت ظل شجرة، كما فعل الفاروق سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فتستقيم العبارة والتأريخ .. عدلت فنمت يا عمر !!
* فبطبيعة الحال، إن النموذج عند الشيخ الدكتور عبدالحي يوسف هو أعظم من ذلك بكثير… وهذه تعيدنا إلى أطروحة جدنا مختار “أبسادوبة” عليه رحمة الله، كنا يومئذٍ تلاميذ مدارس عندما سألني، هل “سووا الشريعة البيضاء”.. !! .. فقلت ﻻ بل الشريعة الإسلامية، فانتهرني بقوله “نان ماياها الشريعة البيضاء ” !! .. وعلمت في ما بعد أن جدنا الأمي كان يعني الشريعة التي “ليها كنهارها” .. البيضاء .. فقلت سبحان كل الناس أعلم منك يا عمر .. !!