الصادق الياس والجريف واللوبيا
اهتمت الصحف في الآونة الأخير بالتغول الذي قامت به الإسكان، بتحويل الأراضي الزراعية إلى مشاريع اسكانية، يتم تنفيذها عبر الصندوق القومي للإسكان، وذلك خصماً على الرقعة الزراعية بأرياف وأطراف الخرطوم المدينة، وذات المنتجات الزراعية المهمة، فكرة المجمعات تقوم على تجفيف تلك المساحات الشاسعة.. أسوق مثالاً لذلك مدينة الجريف غرب والتي كانت قرية وادعة يأتيها رزقها رغداً من سواعد أبنائها، والذين كانت لهم مشاريع زراعية وتروس، وكانت تمد العاصمة بشتى أنواع الخضر والفاكهة، وكذلك العلف من برسيم وأبو سبعين واللوبيا الخضراء، والتي ذكرها شاعر الجريف المرهف الصادق الياس، والذي بحكم منزله المجاور للجنائن والمزارع كان يرى تلك اللوحات الجميلة، ويكون أكثر سعادة عندما يرى السواعد السُمر تفلح أرض الأجداد وتعود بالحصاد، والذي كانت تعتمد عليه المدينة فترة طويلة من الزمن الجميل، بالإضافة إلى أسرة عمنا حربي، والتي امتهنت حرفة صيد الأسماك، وكان لهم الأثر الكبير في إسعاد مواطني الجريف بتوفير سلعة السمك طازج وبأسعار فيها كثير من المراعاة للمواطن ذي الدخل المحدود، أما أكبر المشاريع الزراعية بالجريف غرب كان ترساً على ود الوزير.. حيث أطلق عليه أبناؤه ذلك الاسم تيمناً بجهود والدهم في إعمار الأرض، حيث كان مشروعاً ناجحاً، وفي للعاصمة خيرات كثيرة يشهد عليها كل من عاصر ذاك الزمان وبعدها تمت الهجمة الشرسة من قبل وزارة التخطيط العمراني، وهذا المشروع تسبب في جعل هذه الأرض جرداء، قامت عليها غابة الأسمنت ذات المباني الشاهقة، وصار مواطن الجريف يعاني الحصول على «الخضار اليومي» والذي كان الحصول عليه أكثر سهولة ولكن بتحويل المشروع إلى سكني حل بالوبال على القرية، ولا أدري إن كان الشاعر الصادق الياس مازال يتمتع بخضرة اللوبيا أم غير رأيه وياريته يكتب لنا نصاً جديداً يعبر عن واقع الجريف الآن، والذي هاجرت إليه العمالة الوافدة كأنها الجراد تضايق مواطن الجريف في عيشة وسكنه، وأفرزت عادات ضارة لم تكن مألوفة من قبل، وكل ذلك حل بلعنة تحويل الأرض الزراعية إلى سكنية، وحتى أصحاب المشروع مازالت حقوقهم معلقة، ولعل الفريق «م» والي الخرطوم سيقوم برفع الظلم عن هذه الأسرة، والتي كان لها فضل أن تكون الجريف هي صاحبة القسم الأكبر في إطعام أهالي العاصمة.
والله من وراء القصد
جلال المبارك على أبوزيد / مواطن جرافي يبحث عن حقوق أهله الضائعة