القاهرة والخرطوم فوق صفيح ساخن
من جديد ارتفع ترمومتر العلاقات السودانية – المصرية.. خطورة الارتفاع هذه المرة أنه جاء مؤشرا لحالة شعبية تلقائية، على الأقل في الجانب السوداني.. حديث الغضب في السودان هذه الأيام يستنكر حالة تعسف الحكومة المصرية تجاه السودانيين في مصر.. الصحافة السودانية تصر على أنها حالة ممنهجة اتخذت من حملات ضبط تجارة العملة الصعبة غير المقننة ستارا.. التقارير الصحفية تتحدث عن استهداف السودانيين الذين قدموا للعلاج في مصر وهم متهمون من قبل الأجهزة الأمنية المصرية بالتعامل مع سوق العملات السوداء. السفارة السودانية في القاهرة أكدت تلقيها معلومات تفيد بتعرّض سودانيين للإيقاف والتعذيب من قبل الأمن المصري، وأشارت إلى أنها رفعت مذكرة إلى الخارجية المصرية للاستفسار عن الواقعة وألحقت المذكرة ببرقية استعجال للرد بعد عشرة أيام من المذكرة الأولى بعد تجاهل الجانب المصري لها.. وقيل إن الخارجية السودانية أيضا استفسرت السفارة المصرية في الخرطوم حول ما أثير عن سوء معاملة السودانيين في القاهرة، إلا أن السفارة المصرية أكدت أنها لا تملك معلومات بهذا الخصوص. قطعا لا تتناسب تحركات الدبلوماسية السودانية عبر إرسال استفسارات للخارجية المصرية حول الواقعة مع حجم الغضب الشعبي في السودان.. وقول المتحدث باسم الخارجية السودانية إنه في حال ثبتت صحة تلك المعلومات، فإن الحكومة ستتخذ الإجراء اللازم بما يحفظ كرامة السودانيين وهيبة ومكانة الدولة.. قول ضعيف بدون مواربة ويعبر عن موقف مهزوز جدا. ويخشى السودانيون أن تخرج عليهم حكومتهم بعد هذه الحالة الهلامية لتقول إن ما يحدث هناك «شأن داخلي» ولا علاقة لنا به. وظلت مواقف الحكومة السودانية تجاه حكومة السيسي تعبر عن خشية غير مبررة وغير مفهومة.. قبل عام تقريبا شنت وسائل إعلام مصرية مقربة من الحكومة حملة على الحكومة السودانية أثناء زيارة الرئيس البشير للقاهرة، بلغت حدا بعيدا خاصة حين سخر إعلامي مصري في برنامج تلفزيوني، من ما وصفه بقبول البشير الخضوع لقواعد البروتوكول الرئاسي المصري الذي لا يشترط علم الدولة المضيفة، وعقد جلسة المباحثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحت خريطة مصر وهي تتضمن منطقة حلايب المتنازع عليها باعتبارها مصرية. وعبر وزير الاستثمار السابق والأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان عن استياء خجول قائلا: «إن الانتقادات التي طالت الرئيس البشير، من وسائل الإعلام المصرية، بعضها تجاوز حدود اللياقة في التعامل مع رئيس السودان». كانت أحكام الإعدام المتعسفة التي صدرت بحق الرئيس المصري المغدور محمد مرسي وآخرين كشفا لسيولة المواقف المبدئية لحكومة البشير، حينها اعتبرت الخارجية السودانية حينها أن ما يحدث بمصر شأن داخلي، وقال ناطق باسمها إن موقف حكومته: «هو اعتبار ما يجري في مصر شأنا داخليا بحتا».. وكأنما العالم كله يتدخل في شؤون مصر الداخلية حين أدان بأجمعه تلك الأحكام باعتبارها عارا على الإنسانية.. وعلى رأس الدول المستنكرة أمريكا وألمانيا وتركيا، كما دانت الأحكام منظمات حقوقية، حيث اعتبرته منظمة العفو الدولية الأحكام «تمثيلية تستند إلى إجراءات باطلة».. لقد خشيت الخرطوم من ردة فعل حكومة السيسي التي تعاني وتكابد عزلة دولية متزايدة. فلو أن حكومة الخرطوم تحلت بقدر من يسير الشجاعة وعبرت عن «قلقها» وليس بالضرورة أن تقول «قلقها البالغ» حرصا على مشاعر حكومة السيسي، لما أصابها شيء مما تخاف وتحاذر فالقاهرة غارقة حتى أذنيها في اللوم والانتقاد الدوليين. لقد تغاضت حكومة الخرطوم كذلك من قبل عن مجزرة الجنرال السيسي في رابعة رغم أن الصحف العالمية حين كتبت حينها بالخط العريض: (هجوم مسلح على معتصمي مصر).. هجوم مسلح شنه المسؤولون عن حماية المواطنين (الشرطة والأمن) على المواطنين أنفسهم، رئيس شرعي منتخب مُودعٌ خياهب السجون مع عتاة المجرمين.. فهذه الأجهزة المأمورة يمكن أن تفعل ببساطة في غير المصريين ما فعلته في المصريين. كلتا الحكومتان تواجهان حالة عزلة شعبية وعدم رضا، فالشعبان السوداني والمصري مغلوبان على أمرهما ويدفعان ثمن فشلهما الذريع في الإيفاء بالحد الأدني من العيش الكريم لشعبيهما.. إن تصاعد الحملة الشعبية في السودان من شأنه أن يضرب النسيج الاجتماعي بين الشعبين ويعرّض كلا المقيمين من الجانبين لدى الآخر للخطر. الشعبان الشقيقان في حاجة ماسة لحكومتين رشيدتين جديرتين بتشكيل شراكة اقتصادية وتأسيس علاقتهما على قاعد من المصالح المشتركة.. والسودان ومصر كلاهما يحتاج للآخر من الناحية الاقتصادية وأن الأزمة لديهما في الوقت الراهن أزمة سياسية اقتصادية في المقام الأول.
لاتربطوا تخلطوا بمايحدث للسودانيين بمصر بما حدث للاخوان بمصر أو الرئيس المغدور أو مذبحة رابعة كما تسميها .. فهذا فعلا شأن مصرى بحت لايخصنا فى شيىء مايهمنا ويخصنا هو حفظ كرامةو أنفس السودانيين بمصر !!!!!