لا غاز لا ماء لا كهرباء
يقرأ المواطن في الصُحف عن الفساد الذي ضربت أطنابه أخماس ثروات ومقدرات البلاد وأسداسها، وينتظر محاكمات فلا تأتي، ثم يُمني نفسه باستعادة بعض مما نُهِب ولو بطريقة (التحلل) على مبدأ (تلتو ولا كتلتو)، وحتى هذا لا يتحقق، فيفكر المواطن بعمق ويتأمل بدهشة ما يجري، ثم يتساءل: هل أضحى الفساد سلوكاً مقبولاً ومبرراً ثقاقياً واجتماعياً ودينياً؟ أم صارت له مخالب وأنياب أقوى من ما لدى الإرادة السياسية وأكثر نفاذًا من القانون نفسه؟
إلى الآن، لم يُحاكم أحد، إلى الآن تكاد نسبة استرداد الأموال المنهوبة لا تذكر مقارنة بما (سُرق)، وها هي المباني تتطاول طابقاً على رأس طابق، وها هي السيارات الفخمة تنهب الشوارع الضيقة والرديئة، فـ(من أين لهم هذا والبرد يغطينا/ بل كيف لكم هذا؟ والجوع يعانينا/ الريح تحاصركم
والشمس تنادينا/ الريح آتية وبيوتهم قش والكف عالية وزجاجهم هش)، بحسب المُغني التونسي الراحل (الزين الصافي).
الآن، كلما أشرق صبح ونهض المواطن من نومه، يجد (المعيشة) اليومية وقد تلظت وسُعِّرت، كل شيء ارتفع سعره أضعافاً دون أن تحتاج الحكومة لإعلان أنها قد رفعت الدعم كما دأبت.
أتت سنوات الضنك والصفوف التي تبدأ دائماً بالغاز والبنزين والخبز ثم السكر و(بطاقة التموين)، إلى أن تصل إلى البصل والشمار والكسبرة، صفوف الضنك التي ينفق فيها المواطن يومه كله دون أن يحصل على الحد الأدني من حصته، فيكرر المحاولة مثنى وثلاث ورباع دونما جدوى، فأسطوانات الغاز تتسرب من محطات الوقود كما يتسرب المال العام من أي مؤسسة.
التيار الكهربائي ينقطع، الإمداد المائي ينقطع، ارتفاع الأسعار لا ينقطع، فيما آخرون – ينظرون من على أرائكهم – إلى كل هذا ولا يفعلون شيئاً إزاءه، لا يريدون إيقافه رغم أنه يمكنهم أن يفعلوا، ببساطة لأنهم يحصلوا على كل ما يريدون.
بطبيعة الحال، وهم كذلك، لا صفَّ غازٍ اصطفوا عليه، ولا خبزاً طلبوا فرُدوا خائبين، ولا مدرسة أرسلوا إليها أطفالهم فتخرجوا فيها دون أن يكتسبوا الحد الأدنى من المعرفة التي تؤهلهم لشغل وظيفة (باشكاتب بلدية أو تمرجي شفخانة).
وقبل أن تحاصر الريح (بيوت القش) وتطيح بها، أو تأتي الأكف على الزجاج فتهشمه، يستوجب الحال الماثل (المايل)، خطوات جدية تبدأ من محاربة الفساد ورقابة الأسواق، وخطوة إثر أخرى تندثر الصفوف أو تتقلص وتزدهر المدراس والخبز يعود إلى طاولاته. لكن الأهم من ذلك أن تتوقف الحرب، ويتفق الجميع وتعود للوطن عافيته وللمواطن قيمته وكرامته.
السيد البشير هل خلاص تركتها سايبه كده ؟ يعنى الكل يعمل بكيفه نهب وسرقه وكل مسئول اصبح فى أموره الخاصه يا ريس انظر حولك انت مسئول امام الله واعد ميزان الحق وفعل القانون والقضاء الناجز لا قضاء المجاملات ، أرجوك انتبه قبل فوات الأوان واترك هذه المؤتمرات والقمم التى ليس منها فايده ، الشعب وصل مرحلة الغليان