أبشر الماحي الصائم

تركوا الشمال لله والصحراء!

[JUSTIFY]
تركوا الشمال لله والصحراء!

* وبحسب إفادات السيد يوهانس موسى الناطق الرسمي باسم مجموعة رياك مشار المنشقة، فإن السيد سلفاكير قد سعى بعيد انفصال دولة الجنوب لتشكيل كتيبة من ستة آلاف مجند من قبيلة الدينكا، ممن لا يجيدون اللغة الإنجليزية ولا العربية ولكنهم فقط يجيدون لغة قبيلة الدينكا، ثم ألحقهم بحماية الرئاسة التي يشرف عليها شخصياً.. يقول رجل النوير يوهانس الذي كان يعمل في طاقم رئاسة الجمهورية، إن قادة الجيش الآخرين لم يحتفلوا مع الرئيس سلفاكير بتخرج تلك الكتيبة التي ينظرون إليها كما لو أنها مليشيا خاصة بقبيلة الرئيس.
* وبالمناسبة لم يكن الذين يصرون على إبقاء عداء دولة السودان الشمالية وافتعال الأزمات معها، مثل السيد فاقان أموم ورفاقه، لم يكونوا أغبياء ولكنهم كانوا يسعون لتأجيل أو تفادي الحرب الجنوبية الجنوبية، وذلك بدليل أنه بمجرد تسوية العلاقات مع السودان اندلعت الحرب بين الأصدقاء الأعداء لتصفية الحسابات القديمة الجديدة.
* وفي كل مرة يرفدنا قول ذلك العارف الجنوبي الذي قال بين يدي الانفصال: “ن الشماليين بالنسبة لنا كورق الفلين الذي يوضع بين ألواح الزجاج حتى لا تتكسر”.
فمجرد التخلص من (فلين الشمال.. انكسر المرق وانشتت الرصاص وانهد الركن الكان بلم الناس).
* وإذا اشتبك الخصمان فلا محالة ستتدفق كثير من المعطيات التي لم يكن بالإمكان الحصول عليها، لهذا وذاك كانت فرصة هائلة لجمع وطرح مثل هذه الإجابات لإعادة قراءة المشهد الجنوبي بصورة واقعية ومنطقية.
*فعلى سبيل المثال، لم يصدر من قبل اتهام جنوبي صريح للرئيس اليوغندي يوري موسفيني بأنه وراء عملية اغتيال الزعيم جون قرنق، هذا ما أعاد إنتاجه الآن تيم رياك مشار الذي يضم في ما يضم السيدة ربيكا قرنق أرملة الزعيم القتيل، وهي واحدة من القيادات التي تحمست لفتح هذا الملف من جديد والذهاب به للمؤسسات العدلية الدولية، ولم يكن هذا ليحدث لولا أن الرجل (موسفيني) قد أصبح طرفاً أصيلاً في الصراع وهو يتدخل لصالح مجموعة السيد الرئيس سلفاكير.
*ومن الأشياء المستفادة من لقاء السيد يوهانس أيضاً أنه لم يكن هنالك تحالف تاريخي بين الدكتور رياك مشار ومجموعة السيد فاقان أموم، غير أنهم وجدوا أنفسهم معاً خارج تلك اللعبة السياسية في بادئ الأمر، وذلك على إثر تلك اللكمة القاضية التي سددها لهم خصمهم سلفاكير، ثم ضمهم السجن والأسر والملاحقة فيما بعد، ثم أخيراً انتبهوا، (مشار وفاقان)، إلى أنهم ينتمون إلى مجموعة القبائل الأخرى التي يزعمون تاريخياً أنها واقعة تحت سطوة قبيلة الدينكا.
* مخرج أول:
كتب أحد الصحفيين الأمريكيين ذات يوم والشمال يرفع شعاراته الجهوية في مقابل مشروع (السودان الجديد) الجنوبي وقد وقف الرجل الأمريكي على صحراء الشمال ثم غابات الجنوب، فذهب ليكتب (اتركوا الشمال لله والصحراء) وهو يخاطب الإخوة الجنوبيين ليستأثروا بثروات الجنوب الغابية وفيما بعد النفطية.
* مخرج أخير:
برغم جهود منظمة إيقاد ومجهودات المجتمع الدولي والإقليمي، لم يكن من السهل إطفاء هذه (الفتنة القبلية) التي أوغلت في عمليات سفك الدماء على الهوية والقبيلة، فبذات السرعة التي يمكن التوصل بها إلى هدنة، يمكن في المقابل أن تتجدد الاشتباكات، لمجرد أن فردا من أي قبيلة لم يتمالك نفسه ويسيطر على سلاحه، أي ضغطة على التتك تخرج على إثرها رصاصات كفيلة بإعادة الحرب.
* مخرج بعد الأخير
يفترض أن تكون للإيقاد وشركائها رؤية استراتيجية تسعى لتشكيل (دولة الشعب والقانون) بدلاً عن (دولة القبيلة ومجتمع الإثنيات) وستدرك أن إخواننا هؤلاء قد استعجلوا الاستقلال (الانفصال) الذي لم يؤسسوا له أرضية مشتركة ومتماسكة.

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي