استشارات و فتاوي

حكم استخدام موقع الفيس بوك كوظيفة أتكسب منها


حكم استخدام موقع الفيس بوك كوظيفة أتكسب منها

 

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، منذ 8 شهور وأنا فى حيرة شديدة بسبب هذا السؤال:
أنا حالياً بشتغل بفضل الله فى مجال التسويق (أخصائي تسويق) دعاية وإعلان.. بروح لشركة مثلاً تتاجر فى المطابخ وأعمل للمطابخ دعاية وإعلان فى الشوارع، وهدفي هو توصيل فكرة المنتج والسلعة للناس، حاليًا ومع وجود موقع الفيس بوك.. كل الناس تقريباً موجودة على هذا الموقع، العالم كله بلا استثناء يمتلك حسابات على الفيس بوك، المسلم والكافر البر والفاجر، عند إنشاء الشخص لصفحته على الموقع تكون صفحة بيضاء، وهو يقوم بإضافه الأصدقاء والصور والمنشورات التى يريدها ..
أريد أن أنقل شغلي من على الأرض لموقع الفيس بوك، يعني بدل ما أعمل دعاية وإعلان فى الشارع أعملها على موقع الفيس بوك، لأن أغلب الشعب موجود علي الموقع ليل ونهار، أنا بتعامل مع كذا شركة والحمد لله منتجات كلها حلال، بس الإشكال عندى فى موقع الفيس بوك نفسه..
الموقع فيه شبهة لأنه مبني على الاختلاط بين الرجل والمرأة، وتقريباً -والله أعلم- من وجهة نظري هو سبب فساد المجتمع كله، لأنه يشجع الناس أنها تبص لبعضها، (فلان كان في رحلة فى إسكندرية واتصور ونزل صوره على الفيس، وفلان جاب موبايل جديد ونزل صورته على الفيس، وفلان خطب ونزل صورته وصور خطيبته على الفيس، وفلان اتجوز ونزل صور الفرح كله على الفيس) وتقريباً الموقع فاحش جدًا والغالب فيه الفتن..
هل أعمل على الموقع مع كل الموجود عليه من اختلاط وصور نساء بأسلوب مبالغ فيه، حتى الستات الكبار بيحطو صورهم!!
ولا أترك العمل ده، لأني أدفع فلوس مقابل الإعلانات لإدارة الموقع، والفلوس هى مصدر التمويل الوحيد للموقع، وبدون فلوس الإعلانات الموقع لن يستمر…
ما العمل؟ أرجو فتوى مفصلة جداً لأن الموضوع يتعلق بحياتى كلها، ولا أريد أن آكل مال مشبوه، وما هو الأورع والأفضل؟ وشكراً
ملاحظة: سألت بعض الناس والإجابة الجواز لأنه مثل السكين، إلا أن نفس العلماء أجد لهم فتاوى أخرى عن التلفاز والدش بالتحريم الشديد وأنه تعاون على الإثم والعدوان، مع العلم أن أموال الإعلانات التى أدفعها تعتبر مصدر التمويل الوحيد لذلك الموقع الفاسد، فهو لا يوجد له مصدر تمويل آخر غير أموال الدعاية المدفوعة من المعلنين. ما العمل؟؟ أرجو الرد بشيء من التفصيل مع توضيح الأدلة..

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فمواقع التواصل الاجتماعي وكذلك الواتساب وغيرها هي من نعم الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون، وكان حرياً بالناس أن يستخدموها فيما يعود عليهم بالنفع في دنياهم وآخرتهم، لكن الشأن في ذلك كشأنهم مع سائر نعم الله؛ فمنهم من يسخرها في طاعة الله وهداية الخلق، ومنهم من جعلها وسيلة لحرب الله ورسوله ونشر الباطل وإشاعة الفواحش والصد عن سبيل الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والشريعة الإسلامية في نصوصها قد سدت الذرائع الموصلة إلى الحرام، كما قال سبحانه: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم} فالله جل جـلاله منع نبيه صلى الله عليه وسـلم من سب آلهة المشركين – رغم كون سبها حقا – لأنه سيؤدي إلى منكر وهو سب الله عز وجل، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسـلم (إن من أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه!! قالوا: كيف يسب والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه) فمنع عليه الصلاة والسلام من أن يسب الرجل أبا الرجل لأن ذلك قد يؤدي إلى سب أبيه؛ فكأنه سب أبا نفسه لأنه تسبب في ذلك.
وهذا الذي دار عنه سؤالك يعتبر من سد الذرائع الملغى، وبيان ذلك أنه لا يخلو سبيل من سبل الكسب من أن يتخذه الناس وسيلة إلى الحرام، فالناس يزرعون التمر والعنب مثلاً، وبعضهم قد يصنع من ذلك خمرًا، ومع ذلك لم تمنع الشريعة الناس من زراعة التمر والعنب، بل إن بعض الناس قد يتخذ من الأذان – الذي هو إعلام بدخول وقت الصلاة – باباً إلى نيل مآربه من الحرام؛ كما قال الأول:
ليتني في المؤذنين نهارًا إنهم ينظرون من فوق السطوح
فيشيرون أو يشار إليهم حبذا كل ذات دلٍّ مليح!!
فأنت تنوي أن تستخدم الفيسبوك من أجل الترويج لسلع مباحة وأمور حلال، ولا يمنعنك من ذلك وجود بعض المفاسد أو كثير من المفاسد على ذلك الموقع بل إن ذلك جائز لك إن شاء الله تعالى؛ لأن الحرام لا يحرِّم الحلال، والعلم عند الله تعالى.

 

 

فضيلة الشيخ د عبد الحي يوسف
الأستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم