الطاهر ساتي

ح يصفقوا


:: لقد بلغ الغلاء بحال المواطن لحد الضنك.. وكما الدولار، كل يوم تشهد أسعار السلع إرتفاعا لا يوازي دخل الفرد .. وبدلاً عن معالجة الأسباب وإزالتها بالإدارة المهنية والإنتاج ومكافحة الفساد وترشيد الصرف على الأمن والسياسة، يبشرنا وزير المالية أن الحكومة تمضي قدماً نحو المزيد من سياسة رفع الدعم عن القمح والوقود والكهرباء.. وكأن ما تم رفعه في سبتمبر الدامي لا يكفي، يُناشد نواب البرلمان بتمرير القرار المرتقب في موازنة العام القادم.. ونواب الحزب الحاكم بالبرلمان – كالعهد بهم دائماً في مثل هذه المواقف – لن ينحازوا للمواطن، بل سوف يلبوا نداء وزيرهم بالتهليل والتكبير و.. (التصفيق)..!!
:: بخطة رفع الدعم، يكشف وزير المالية بأنه بعيد عن العامة وأسواقها، وبعيد عن بيوت الطين وغرف الكراتين و أحزمة النزوح التي تحيط بالمدن، وبعيد عن الذين يقضون نهاراتهم بنصف وجبة ثم يلتحفون بالبرد وإلتواء البطون وأنين أطفالهم ..ليس قريبا منهم، ولا ممن يزرعون وينتجون ثم يحصدون الديون والإعسار والسجون عند الحصاد.. وليس قريبا من بناتهم اللائي حين تضيق أحوالهن يقطعن دراستهن ويعدن إلى أريافهن كما جئن بلا تعليم، هذا أو يزاحمن المارة والسيارة على أرصفة الطرق بحثا عن (الذئاب واللئام) .. وزير المالية لا يعرف عنهن شئ، ولا يعرف دار المايقوما وأرقامها الفضائحية المتصاعدة كل عام كما معدل العجز في الميزانية ونسب الإعتداء على المال العام في تقارير المراجع العام و نسب الفقر والنزوح والهجرة و سوء التغذية و وفيات الأمهات وغيرها من مكدرات صفو الحياة..!!
:: لو كان وزير المالية قريبا من الناس لعرف الحال العام، ولو عرف لما إقترح رفع دعم الوقود والقمح والكهرباء عن كاهل حكومته ليرهق به كاهل المواطن المرهق بالفطرة والميلاد رغم أنف الأرض والنيل والساعد..ولا يعلم الوزير أن كاهل المواطن يدفع الدعم الحكومي المرفوع عن المسماة – خيالا وليس واقعا- بمجانية التعليم.. ويدفع الدعم الحكومي المرفوع عن المسماة – تنظيرا وليس تنفيذا – بمجانية العلاج.. فليسأل مرضى الفشل الكلوي عن سعر أدويتهم وقيمة جلسات غسيلهم، هذا الغسيل الموجه من قبل الرئاسة بأن يكون مجانا ولكن (هيهات )، فالتوجيه حبر على ورق .. ويسأل مرضى الملاريا عن سعر الكلوروكوين..ويسأل أولياء الأمورعن سعر الكتاب المدرسي الذي يباع في الأسواق كما الملابس والأحذية بعد أن كان يوزع في المدارس مجانا في أزمنة مجانية التعليم التي تعلم فيها وزير المالية و أعضاء حكومته..!!
:: هذا الكاهل البائس – المسمى بكاهل المواطن – هو الذي يدفع أي دعم رفعته الحكومة عن ذاتها لحد العجز عن تحمل مسؤولية تعليم وعلاج شعبها (كما يجب)، وكما تفعل كل الحكومات المسؤولة.. وما القادم الذي يمهد له وزير المالية إلا حلقة مكملة لمسلسل الضنك الراهن الذي يثقل كاهلا ظل دفع ثمن الحرب جنوبا وشرقا وغربا ، ثم دفع ثمن السلام عندما ترهل جسد الدولة وتضخم بفيالق الوزراء ووزراء الدولة والمستشارين و المساعدين والنواب والهيئات والمفوضيات و الصناديق و كراسي الموازنات الحزبية والقبلية التي تهدر الموارد والقروض ..فلينتبه نواب البرلمان.. (لا تصفقوا للوزير)، كما فعل نواب الدورة السابقة للوزير السابق، فأن رفع الدعم عن القمح والوقود والكهرباء ما هو إلا دعم للعجز والفشل والترهل والفساد و ( سوء الإدارة)…. !!


‫2 تعليقات