نور الدين مدني

الصدق كان ما نجاك الكذب ما بنجيك

*في زحمة الحياة اليومية والهموم العامة يتراجع الاهتمام بالقضايا التربوية الأهم في تنشئة الأجيال القادمة وتنمية قدراتهم وطاقاتهم الإيجابية.

*يحدث هذا وسط انتشار حالات خلط ضارة جعلتنا نهتم بالظاهر من أنماط التعامل التي قد تؤثر سلباً على جوهر السلوك وحقيقة الموقف الأخلاقي.

*الذي حفزني للكتابة في هذا الموضوع التربوي الرسالة التي اطلعت عليها في الواتس تحكي قصة حقيقية حدثت لأحد الطلاب الذي اضطرته ظروف الدراسة في بريطانيا للإقامة مع أسرة لديها أطفال صغار.

*ذات يوم كسر أحد أطفال الأسرة كأساً وعندما شعر صاحبنا الطالب المقيم معهم بخوف الطفل الصغير قال له: لا تخف سأقول لهم أنني من كسر الكأس.. وفعلاً قال لهم ذلك.

*الطفل أحس بتانيب الضمير واعترف لأمه بأنه هو الذي كسر الكأس فكانت النتيجة طرد صاحبنا الطالب لأنه غرر بالصغير ليصمت على فعلته ويقدم له قدوة سلوكية سيئة.

*نقول هذا لأننا كما ذكرت نعني في بعض الأحيان بالظاهر من السلوكيات التي قد لا تعبر عن مواقف أخلاقية أصيلة، بعد أن تركنا تراثنا الديني والمجتمعي خلف ظهورنا وعمل به الآخرون في حياتهم اليومية.

*في التراث الديني نجد درساً مهماً عن أهمية الصدق في حياة المؤمن حسب إفادة خاتم الأنبياء والرسل على بعض الأسئلة “التعليمية مثل: أيزني المؤمن؟ أيشرب الخمر؟ فقال نعم لكنه عندما سئل صلى الله عليه وسلم: أيكذب المؤمن؟ قال: لا.

*إذا تساءلنا لماذا لا يكذب المؤمن فإننا سنجد الإجابة مستمدة من النظرة البعيدة للنتائج المترتبة على الصدق لأن المؤمن سيجد نفسه مضطراً لترك كل الموبقات حتى لا يكذب، كما أنه لا يستطيع الكذب عند علام الغيوب.

*في تراثنا الاجتماعي قصة معروفة تروى عن الشيخ فرح ود تكتوك عندما لجأ إليه أحد الفارين من أناس يطاردونه فأشار إليه أن يختبئ تحت القش الموجود أمامه، وعندما حضر من يلاحقونه وسألوا عن صاحبنا المختبئ الذي أشار لهم بأنه داخل هذا القش لكنهم لم يصدقوه ومضوا وهم يسخرون من قوله هذا.

*عنما انصرف القوم الذين يلاحقون المختبئ خرج من تحت كوم القش وهو يسأل الشيخ فرح: لِمَ أخبرتهم بمكان اختفائي؟ فقال قولته الشهيرة: كان الصدق ما نجاك الكذب ما ينجيك.

* هذه الإشارات المضيئة في تراثنا الديني والاجتماعي نتركها ولا نسترشد بها في سلوكنا ومعاملاتنا بينما نجدها مطبقة لدى الآخرين الذين يحرصون على غرسها في أبنائهم وبناتهم.