الطاهر ساتي

باب النجار


:: بالمناسبة، قبل سنوات، ضجت الصحف بقضية البروف محمد هاشم عوض، عليه رحمة الله، أستاذ وعميد الاقتصاد بجامعة الخرطوم في عهدها الذهبي.. ( أبو الإقتصاد)، هكذا كان يُلقب ..تخرج على يده أساتذة الاقتصاد بالعالميْن العربي والأفريقي..وكان وزيراً للتجارة أيضاً، وعضوا بمجالس إدارات بعض المصارف ..وعندما أصدرت جامعة الخرطوم قراراً ضده بإخلاء منزل الجامعة – حسب لوائح الجامعة- ثارت الصحف.. وللأمانة، لم أهاجم جامعة الخرطوم على تطبيق اللوائح، ولكن لأن الإدخار من أصول الإقتصاد تساءلت بدهشة : كيف يعجز من عاش أستاذاً وعميداً ووزيرا للإقتصاد عن إدخار يوفر بعض المأوى؟..ثم إقترحت للحكومة تكريم البروف هاشم بمنزل بديل عن منزل الجامعة، وبهذا تكون قد أعطت لمن يستحق و ترفع الحرج عن جامعة الخرطوم لتطبق لوائحها على الجميع بالعدل والمساواة..!!
:: واليوم حالة أخرى بصحف الخرطوم تستدعي طرح تلك الأسئلة ثم الدعوة إلى تكريمها بمنزل..فالصحف تقول أن الأستاذ علي عثمان محمد طه – النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية – بلا منزل..وتحكى الأخبار بان طه أخلى المنزل الحكومي بالرياض و نقل أغراضه إلى مزرعة يمتلكها بمشروع السليت، وعاجز عن شراء منزل أو قطعة أرض لضيق ذات اليد.. وشيخ العرب أب سن، عندما كان زعيماً برفاعة في أزمنة الإستعمار جاءه إبنه وشاوره في أمر الذهاب إلى الحاكم العام ليصدق له بموقع دكان في سوق رفاعة، فتنهد عميقاً وخاطب إبنه ناصحاً : (ما تمشي تطلب أرض من إنجليزي، لو إداك عيب ولو رفض ليك عيب).. وهكذا تقريباً حال أخبار الصحف الواصفة لحال طه.. لو صحت الأخبار (عيب)، ولو كذبت (عيب)..!!
:: نعم، طه من القيادات التي لم تحم حولها إتهامات وشبهات الفساد..وكذلك أسرته و أقاربه، إذ كل فرد فيهم كان – ولا يزال – مأمون الجانب وبعيد عن دوائر الإتهام والإشتباه.. ولكن كل هذا لا يعني – بأي حال من الأحوال – تقييد العقل وتجميده ليستوعب أن الفقر بلغ بحال طه لحد العجز عن شراء دار تأوي أسرته..مثل هذا الخبر – وإن صدق – ذم بما يشبه المدح .. طه- منذ أن كان طالبا- تفرغ للعمل العام، وذلك بمقابل أن يتحمل الحزب و الحكومة تكاليف (حياته الخاصة)..قبل الإنقاذ، ظل يقطن في البيت الحركة الإسلامية، أي لم يكن يدفع الإيجار كعامة الإسلاميين .. وبعد الإنقاذ، ظل يتنقل من منزل حكومي إلى منزل حكومي آخر، أي لم يكن يدفع قيمة الإيجار كعامة الشعب .. !!
:: ومنذ ربع قرن – وحتى قبل عام ونيف – للرجل راتب ومخصصات كل المناصب التي شغلها، أي لم يكن يشغل تلك المناصب ( تطوعاً) أو لعيون الشعب .. فكيف ولماذا لم يدًخر – ولو مائة جنيه شهريا – بحيث يكون له داراً بأي منطقة في طول العاصمة وعرضها؟.. وبغض النظر عن المناصب ورواتبها ومخصصاتها، للرجل – كمواطن سوداني – إستحقاق في أراضي الفئويين وبيوت السكن الشعبي، فلماذا لم يق حال أسرته ويسترها – من شيل الحس دا – بهذا الإستحقاق..؟؟
:: ثم الزعم بأن طه عاجز عن شراء قطعة أرض (يضُر به).. إدعاء الفقر أو الزهد – بمثل هذا الخبر – ليس من كريم الخصال و( ما مشكور)، شرعاً و أخلاقاً.. (باب النجار مخلوع)، مثل يضرب في حالات العجز والفشل والإهمال .. وندع العاملين في الدولة، فالعمال الذين يعملون ب (أجر اليومية) و (رزق اليوم باليوم)، الكثير منهم يتدبرون أمر معاشهم ويدًخرون – بالقرش و الجنيه – لبناء منازل تأويهم وأسرهم، فكيف يفشل رجل بقامة نائب أول لرئيس الجمهورية ومسؤول عن تحسين أوضاع البلاد بحيث يمتلك أفراد الشعب (المأوى) ..؟؟


تعليق واحد

  1. الكلام هذا كان منطقي وقبول إذا كان قبل العام 1970 حيث كان الضمير صاحي ونهب المال العام شبه معدوم بعكس عهد الانقاذ اصبح نهب المال مفخرة لدرجة اصبح اقل مسؤل يملك بيت وسيارة واقل وزير عمارة فكيف بنائب رئيس راتبه يفوق العشرون مليون جنيه سوداني ماكل وشارب بالمجان هذا الواقع والظاهر .
    ولكن إذا حقاً هذا الامر حقيقي والاستاذ علي عثمان مازال يحتفظ بالقيم والمبادي والسير علي سلف السابقين من اهل السلطة امثال الرؤساء عبود والنميري والازهري والمحجوب فيستحق التكريم

  2. يلم القروش لشنو …كفايه البيوت الفتحها و ستر ناس كتير من الفقر …والان عندو مزرعه جميله و بيت ريفي دافئ …الكفن مافيهو جيوب