لجميع الأذكياء فقط
* لما ضاقت الخرطوم تحت وطأة زحمة وسائل المواصلات، واليوم تزداد احتداما، اقترحت – يومها – على السيد الوالي المتعافي بعض معالم طريق للخروج من الأزمة.. على أن يجعل كل طاقم مكتبه في ذلك اليوم يذهب في إجازة، أن تحضر السكرتيرة له فنجان قهوة قبل أن تلحق بالآخرين ..
* ومن ثم يدخل السيد الوالي في اجتماع عاجل منفرداً، وبين يديه كوب قهوة وورقة بيضاء و(قلم بق) متدفق وحضور ذهني متقد، ومن ثم يضع الهواتف كلها في الصامت !!
* يبدأ السيد الوالي في افتراض نسب مئوية للفئات التي تدخل الخرطوم كل صباح، على أن تكون الافتراضات كالآتي:
* عشرون بالمائة من فئة الطلاب الذين يقصدون الجامعات، جامعة الخرطوم والسودان والنيلين و.. و.. عشرون بالمائة يقصدون الاستشفاء في مستشفى الخرطوم والمستشفيات الخاصة والمعامل والصيدليات وزيارة المرضى و.. و..
وعشرة بالمائة يقصدون الخدمات الحكومية والبنوك، وعشرة بالمائة متسوقون وآخرون متسولون ومتسكعون و.. و..
* ومن ثم يبدأ في وضع الحلول والمعالجات على النحو الآتي: بناء مدن جامعية في الجبل والجيلي و(أم ضواً بان) وخروج الطلاب نهائيا من قلب الخرطوم، خروج المستشفيات وملحقاتها بمعاملها وصيدلياتها، ثم خروج المطار والأسواق و.. ومن ثم تخرج الجماهير من قلب الخرطوم بخروج تلك الخدمات ..
* على أن يبقى قلب الخرطوم حكرا على القصر الرئاسي والفنادق ورئاسة البنوك والشركات الوزارات غير المرتبطة بخدمة الجمهور، بحيث لا تحتاج وسيلة مواصلات عامة حمل ركاب إلى قلب الخرطوم !!
* والسؤال المقلق: لماذا أصلا يحتاج كل مواطن خرطومي بعد أداء فريضة الفجر الزحف المقدس إلى وسط الخرطوم، ولاسيما هذا المربع الذهبي الذي يقع بين النيلين والمطار والسكة الحديد؟! ذلك لأن حاجاتنا كلها من (ربطة الجرير) الي (ربطة العنق) كانت تجبي من وسط الخرطوم !!
* وأصدقكم القول إن هذا (المقال الرؤية) قد سبق رؤية مشروع (المخطط الاستراتيجي) الذي اندلع على عصر السيد عبدالرحمن الخضر، فنحن معاشر الكتاب والصحافيين لا نملك إلا فضيلة التصدق كل صباح بأفكارنا وأطروحاتنا، فلئن ذهب أهل الأجور بالدثور فليس أقل من أن نذهب الى رحالنا بثواب إنفاق (مقالاتنا الأفكار)، ذلك حتي (لا يبقن علينا إتنين) (فلس دينا) وعدم أجر الآخرة !!
* أسوق هذا المقال بسبب مقاومة البعض لمشروع ترحيل مستشفى الخرطوم من قلب المدينة إلى الأطراف، تحت مسوغات أغلبها عاطفية أو ضعيفة الدفوعات، قال أحدهم إن المرضى يأتون من عطبرة وكوستي للعلاج في مستشفى الخرطوم، فقلت له إن الذي قطع المئات الكيلومترات لا يعجزه أن يذهب إلى مدينة الصحافة !! قال أحدهم إذا تعرض أحدهم إلى حادث بوسط الخرطوم!! وقال آخر إن معامل التشخيص ستكون بعيدة !! ومراكز التشخيص بتقديرنا حتما ستلحق بالسوق !! أما قولهم باعوها!! فأترك الإجابة إلى فطنة الأذكياء ولباقة الحكماء !! إن كان ثمة حالات تسييل وتجييش واستدرار لعاطفة الجماهير لأغراض أخرى، ليس من بينها تفريغ قلب الخرطوم من حالة الفوضى المرورية، إذ لا يعقل أن نضع تسعين بالمائة من الخدمات في ثلاثة كيلومترات مربعة !!