في تَجديد الخِطَاب .!
«أعيش محاطاً بكل هؤلاء الذين جعلوني وحيداً» .. عباس بيضون ..!
٭ في رياض السعودية، قبل بضعة عشر عاماً، كنا نشد الرحال إلى جامع الملك خالد في العشر الأواخر من شهر رمضان، والذي كان يبعد عن بيتنا مسافة مقدرة ركوباً، لكن الصلاة خلف الشيخ عادل الكلباني والتأمين على دعائه الخاشع في الجزء الأخير من الليل كان متعة روحية، تسعد لها قلوبنا الغضة الخالية ـــ وقتها ـــ من هموم الحياة!..
٭ وكان القادم إلى طريق المسجد من الشارع الرئيسي يسمع من بعيد صوت نشيج الشيخ المتقطع، وصوته العذب المتهدج، وهو يرتل القرآن .. وكان الناظر من بعيد يرى المساحة المحيطة بجامع الشيخ مكتظة بالسيارات .. ويرى الناس تصلي في الشارع بسبب امتلاء الجامع بالمصلين القادمين من مدن أخرى في كثير من الأحيان .. وقد كنا نحب كثيراً طريقته في ارتجال بعض فقرات دعاء صلاة التهجد..!
٭ في تلك الفترة من تاريخ السعودية المعاصر، كان الخطاب الديني ما يزال يميل إلى الترهيب، وكان التشدد في أساليب التوعية الدينية هو النهج السائد على خطب الكثيرين من أمثال الشيخ عادل الكلباني .. والشيخ سلمان العودة .. والشيخ عائض القرني ..!
٭ اليوم تغير خطاب هؤلاء المشايخ أنفسهم إلى الترغيب، ومال نهجهم إلى الوسطية، الأمر الذي انعكس على الفتاوى والأحكام و الرؤى الشرعية التي يقدمونها عبر برامج التلفاز في القنوات الفضائية! ..
٭ هبوب رياح التغيير الديني والاجتماعي في السعودية أنتج رؤى تجديد إيجابية مثل قرار الملك عبد الله الذي تجاوز معوقات وثوابت وحساسيات مجتمعية كثيرة في السعودية بتعيين الشيخ عادل الكلباني إماماً للحرم المكي ..! وهو أول أسود يتم تعيينه إماماً للحرم المكي في العصر الحديث، وقد قال هو إنه لا يجد حرجاً في مقارنة هذه السابقة بانتخاب أوباما كأول رئيس أمريكي أسود ! ..
٭ لكن مجاهرة الشيخ بآراء دينية مخالفة للسائد في مجتمعه أدت إلى عزله من إمامة الحرم ..!
٭ الجديد المفيد ـــ في تجربة إمامة الشيخ الكلباني ـــ هو أن ينتقد شيخ الحرم المكي ظاهرة التدين الشكلاني بين المسلمين، والذي يركز على أشكال العبادات الظاهرة ويغفل أهمية الدواخل والنوايا والقناعات .. والأهم من كل ذلك أنه ينفي أفضلية اجتهادات العلماء المحليين على اجتهادات علماء المسلمين من خارج السعودية .. هذه هي السابقة .. هذا هو الجديد فعلاً ! ..
لفترة طويلة ظلت أفضلية الفتاوى والأحكام تقاس بمبدأ القرب والبعد من أرض الحرمين .. وظلت جل الاجتهادات الدينية الخارجة عن إطار (الحنبلية) خارج حدود الحرمين ! ..
٭ السابقة التي تنافس انتخاب أول رئيس أمريكي أسود، لا تكمن في تعيين أول إمام أسود للحرم المكي في العصر الحديث، بل تكمن في فتح ذلك الإمام طريق الاجتهاد في فهم بعض نصوص السلف في صحن دار (الحنبلية) قائلاً «إننا يجب أن نعيد النظر في أمر بعض المسلمات الدينية التي ظللنا نتوارث ترديدها بلا تفكير»!
و الله ما شاء الله يا أستاذة كتاباتك دائما رائعا لكن اول مره اعرف من اين اتيتي بالوسطية السمحة دي تاريك خالطت النشدد في بيته و من ثم عشت انفتاح السودان علي كله سنه صوفية شيعة ( جابوها الكيزان ) ،، و بقيت انت كما انت مسلمة وسظ لا عباءة سوداء و نقاب و لا تبرج وسفور بلا معني ،، رائعة أستاذة منه و الله دائما اقراء لك لكن اول مرة اعلق ،،،