(قطعية الساطور) كادت أن تفضح أمرها.. تفاصيل نصف يوم لــ(صحفية) داخل (صالون حلاقة)!
عندما أعلنت عقارب الساعة تمام الثامنة مساء، توقفت أحد صوالين الحلاقة التي تقع على الشارع رئيسي بمنطقة الكلاكلة، كانت لافتة الصالون تحمل إسم (الأستاذ) بينما إستكانت العديد من صور الفنان الراحل محمود عبد العزيز عليها، بينما كان صوته الطروب يتسلل من جهاز كاسيت داخل الصالون، توقفت لدقيقة أمام بوابة ذلك المحل قبل أن أحسم أمري وأقوم بدفع الباب وأخطو للداخل بالكثير من الثقة والقليل من الإرتباك.
عدد من الصبية كانوا جالسين داخل المحل، ألقيت عليهم التحية دون الإكتراث لنظراتهم التي كانت تلاحقني بشيء من الدهشة، فيما إرتفع همس احدهم: (دي دايرة شنو كمان؟) لأتجاهل سؤاله قبل أن أباغتهم بسؤال مفاجئ مفاده: (وين سيد المحل؟).. ليشير أحدهم لشاب كان منهمكاً في (توضيب) رأس أحد الزبائن، لأقوم بتحيته من على البعد، قبل أن ينفض يديه من عمله ويقترب مني وعلى وجهه عشرات الأسئلة، لأطلب منه الحديث خارج المحل وبالفعل، وافق بسرعة ورافقني للخارج قبل أن يرفع حاجبيه مندهشاً، وأنا أتقدم إليه بطلب الإلتحاق بوظيفة (حلّاق) داخل صالونه، قبل أن أخطره بهويتي الحقيقية وهدفي من إجراء هذا التحقيق الإجتماعي الذي يهدف إلى معرفة ردة فعل المجتمع السوداني تجاه بعض النساء اللاتي تجبرهن الظروف على اقتحام المهن المحصورة على الرجال.
(إنتي جادة؟!).. تلك كانت العبارة الأولى التي أطلقها صاحب المحل، قبل أن يبدي موافقته بعد إصراري، لأدخل برفقته الصالون مرة أخرى، قبل أن أضع حقيبتي على طاولة قريبة، قبل أن يقوم هو بدعوة أحد الزبائن للجلوس على الكرسي، لينهض الزبون متثاقلاً وهو يتابعني بحيرة وأنا أقوم بتجهيز (مريلة) من داخل الدولاب الصغير المستقر داخل الصالون.
جلس الزبون على الكرسي وهو يتطلع إلى نفسه في المرآة قبل أن يتفاجأ بي وأنا أضع المريلة حول عنقه ليسألني بهستيريا: (إنتي الدايرة تحلقي لي؟)أومأت برأسي علامة الإيجاب، فظل يتطلع إليّ لدقائق مندهشاً بينما كانت كل عيون الزبائن داخل المحل معلقة بي، الأمر الذي أصابني بالقليل من التوتر، لكنني تصميمي على إكمال هذا التحقيق كان أكبر، لذلك طلبت من الزبون أن يخبرني بنوعية الحلاقة التي يريدها، ويجيبني: (والله طالما إنتي جادة أنا بخليك على مزاجك يا بتنا)!
بعد إكماله لعبارته تلك، بدأت فعلياً في تطبيق الخطوات الأولية لما قبل الحلاقة ثم أمسكت بعدها بـ(المقص والمشط) وبدأت بتخفيف الشعر من الأعلى للأسفل ومن الأسفل للأعلى ثم قمت بأخذ (نصف موس) لعمل القطعية وطوال تلك المدة والشاب يتابعني بالمرآة التي أمامه بحيرة، فيما كان الزبائن الموجودون داخل الصالون في قمة إندهاشهم وهم يتابعون بدقة شديدة ما أقوم به قبل أن يردد أحدهم بصوت عالٍ: (معقولة يا اخوانا الكلام ده؟!).. فيما قال آخر: (ياريت كل الحلاقين بنات عشان نحلق يومياً)، أما أصغرهم فاكتفى بعبارة: (يا ناس نحن في الخرطوم ولا في لبنان؟!).
صاحب المحل كان ذكياً للغاية، فطلب مني في وقت مناسب تماماً أن أقوم بأخذ قسط من الراحة، ذلك الطلب الذي جاء في وقته تماماً بعد أن وقفت حائرة في إكمال حلاقة ذلك الزبون الذي بدأ في إعطائي ملاحظاته حول الحلاقة، لأقوم بالجلوس على كرسي مجاور، قبل أن يتكفل أحد الحلاقين الموجودين بإكمال حلاقة ذلك الشاب في منتصف الثلاثينيات، كان يراقبني بشكل غريب وأنا أقوم بالعمل، وعندما جلست لأخذ قسط من الراحة إقترب مني وقال لي: (الحكاية شنو؟)، أجبته بثبات: (أنا شغالة جديدة في الصالون)، إستهتر بحديثي في بادئ الأمر قبل أن يقول لي بسخرية: (طيب تعالي ورينا فنونك في الحلاقة) أجبته بسرعة: (حاضر.. ما عندك مشكلة داير حلاقة شعر رأس ولا دقن؟) أجاب: (دقن على شكل ساطور)، هنا فقط أحسست بقربي بالوقوع في الفخ، فقلت له سريعاً: (لكن ما صعبتها بالساطور دا؟).. ليقول لي بسرعة: (كدي تعالي اشتغلي ولو غلبتك خليها)!
أمسكت بصباع المعجون الخاص بالحلاقة ووضعت جزءاً منه في منطقة الذقن ثم مررت عليه الفرشاة من الجهتين وبعدها بدأت الحلاقة بحذر شديد بينما الزبائن من حولي مستمرون في إطلاق تعابير الإعجاب والدهشة، قبل أن أسأل الشاب بسرعة: (أها كدا كويس؟) نظر الشاب إلى المرآة قبل أن يقول في هدوء: (والله ما بطال، لكن داير أسألك سؤال: إنتي شغالة حلاقة من متين؟) أجبته بسرعة: (من فترة)، فأجاب ضاحكاً: (واضح إنك شغالة من فترة)، قبل أن ينادي بصوت عالٍ على حلاق آخر ليقوم بإكمال حلاقته، لكنه لم ينسى أن يمنحني كرته الخاص الذي يحوي عدداً من أرقامه قائلاً: (عليك الله لو احتجتي لي آي حاجة أضربي لي.. نحنا كلنا أخوانك)!
بعد مرور ساعة بالضبط من وجودي بالمحل، إكتظ المكان بالشباب، وكلهم كانوا يسألون فور دخولهم سؤلاً واحداً فقط: (دي منو البت دي؟).. بينما رفض أحدهم وبحدة مجرد التفكير في الجلوس لأقوم بحلاقة شعره قائلاً بصوت عالٍ: (إنتي يا بت جاية تتعلمي فينا ولا شنو؟).. بينما أصابني الذهول وأنا أشاهد ثلاثة شباب جلسوا على الكرسي المقابل لي مصممين على أن أقوم بحلاقة رؤوسهم ورافضين تماماً لكل المحاولات التي قادها صاحب المحل من أجل أن يجلسوا في كرسي حلاق آخر، معللين ذلك بأنهم يريدون تجربة (حلاقة البنات).
أحد أولئك الشباب طلب مني (كدش)، وهو الشعر المخنفس، وبالطبع كان طلبه سهلاً بالنسبة لي فليس فيه إجتهاد كثير سوى عمل (قطعية) ومن ثم إعادة نفشه. ليقوم بعدها بدفع ما عليه من مال ويضاعف المبلغ المحدد للحلاقة قائلاً لي وهو يغادر: (الباقي خليهو بقشيش عشانك يا بتنا)!
إنتهى الزمن الذي حدده لي صاحب المحل لإجراء التحقيق، لأقوم بالإستئذان منه وأحمل حقيبتي، ليقترب مني أحد الشباب ويسألني: (ماشة وين؟).. أخبرته بأن دوامي إنتهى، فسألني بسرعة: (بكرة بتجي تاني؟).. أومأت برأسي علامة الإيجاب، لكنه أصر قبل مغادرتي على أخذ صورة تذكارية معي وإنضم للصورة الشباب الموجودون في المحل، لأغادر وأنا متأكدة تماماً أنني سأكون حديث ذلك الصالون الرئيسي على مدى أيام قادمات وربما أشهر. وربما سيأتي في مقبل الأيام أحد الشباب طالباً من صاب المحل رقم هاتفي، ليس للتواصل والتعارف، وإنما بغرض التعاقد معي على قصّ شعره على تلك الطريقة (الناعمة)!!.
محاسن أحمد عبد الله
صحيفة السوداني
طيب نفهم شنو من الموضوع ده يا ناس النيلين ….. الفائدة شنووووووووووووووووو
شكلو تمهيد ما خلاص ياهو دة الفضل
وناس النظام العام ماشافوك .ولما كنت بتحلقي بتختي يدك وين ؟ وكم بعد المسافة من الزبون الحلاق مرات بلتصق بالكرسي وجسم الزبون. شوية واحد يدخل صالون نسائي ويجرب البلد فوضى وقلت حياء
ما عندها موضوع اتكلمي عن فساد الشرطة واخطاء الاطباء وفشل التعليم دي الحاجات المهمة
حلاقه فوق بس …