مهندس المرور إلي الآخرة !!
* لا أدري من هو الشخص الذي أشرف على استيراد وتركيب وبرمجة إشارات المرور بولاية الخرطوم، ولكنني أعلم أن قسم الهندسة المرورية بوزارة التخطيط العمراني بالولاية هو جهة الاختصاص، ولكن فيما يبدو أن الاختصاص وضع في يد من لا يجيده، بل لا يفقه أبسط قواعده!!
* أي شخص لديه معرفة بالقيادة، أو رأى إشارات المرور في العالم، سيدرك على الفور أن الجهة التي قامت بتركيب الإشارات وبرمجتها في الخرطوم جاهلة ولا تعرف شيئاً عن هذا العمل!!
* من أبسط قواعد تركيب إشارات المرور في التقاطعات أن تكون مرئية لكل مرتادي الطريق، السائقين والراجلين على حد سواء، ومن كل الاتجاهات والزوايا، وأن تكون على مسافة معقولة وارتفاع معقول يمكّنان الناظر من رؤيتها على المستوى الأفقي ولا يضطر إلى رفع رأسه أو إحنائه، أو الالتفات إلى الوراء أو إلى الجنب ليراها، ويكفي تحريك العينين فقط!!
* يجب أن تكون الإشارة عكس اتجاه حركة السير وتفصل بينها وبين السائق أو الراجل المسافة الطولية للتقاطع، وأن يراها القادمون من كل الاتجاهات، حتى يعلم الجميع ماذا يرى الجميع، وما هو التصرف السليم الذي يجب أن يتقيد به الجميع، فالطريق ملك للجميع وليس لصاحب الأولوية في السير، وعلى الجميع تقع مسؤولية حفظ النظام والانضباط على الطريق، بالإضافة إلى أن المسؤولية القانونية عند وقوع حادث لا تقع على مرتكب الحادث فقط، أو على المتضرر، ولكن على من تسبب فيه أيضاً، أو كان جزءاً منه أو شهده، وقد يكون مرتكب الحادث أقل مسؤولية من
الذي تسبب فيه ولم يشارك بشكل مباشر، كما تقع على الشاهد في الإدلاء بشهادته التي ربما تكون هي الفيصل في تحديد المخطئ، وكل ذلك يحتّم أن يكون المشهد واضحاً للجميع وليس القادم من جهة واحدة فقط، وهو ما يستوجب أن تكون كل الإشارات الضوئية مرئية للجميع من كل الاتجاهات والزوايا، سواء كانوا سائقين أو راجلين.. هذه قاعدة معروفة للجميع في كل مدن العالم إلا في الخرطوم كما يبدو!!
* معظم إشارات المرور في الخرطوم وضعت بشكل خاطئ، فبعضها يُرى من اتجاه واحد فقط، وبعضها وُضع خلف حركة المرور أو خلف السائق ) وكان بإمكان من فعل ذلك أن يعكس اتجاه اللوحة فقط لتصبح الإشارة البعيدة هي التي يراها السائق بدلاً عن القريبة التي يقف في محاذاتها أو خلفها(، وبعضها على مسافة قصيرة جداً أو ارتفاع منخفض يكاد يقترب من الأرض، وبعضها على ارتفاع شاهق جداً، وكأن من وضعها فعل ذلك
بمزاجه، وحسب هواه، وليس حسب قواعد الهندسة المرورية التي هي) علم حقيقي ( يُدرس في الجامعات وليس) سَلطة دكوة(،ولكن يبدو أنها عندنا مجرد)سَلطة دكوة( يمكن لكل من هب ودب أن يصنعها!!
* بالنسبة للبرمجة، فمن المفترض أن يبرمج الزمن حسب حركة وكثافة حركة المرور بما يسهّل انسياب حركة المرور في كل الاتجاهات، على أن يُراعي إعادة النظر في الزمن إذا استجد ما يستدعي ذلك، أو اتضح أن البرمجة الأولية لم تكن صحيحة، ولكن الملاحظ في شوارعنا أن الزمن في وادٍ وكثافة المرور في وادٍ آخر، وكثيراً ما تختلط العربات في التقاطعات وتتعقد حركة المرور وتقع الحوادث والمشادات بسبب هذا الخلل، وللأسف ليس هنالك من يراجع أو يهتم بعمل المعالجات المناسبة، ألم أقل لكم إنها) سَلطة دكوة(؟!
* بالإضافة إلى ذلك هنالك تجاهل تام للمشاة، وهم حسب القانون العالمي والسوداني للمرور أصحاب الأولوية في الطريق، ولا بد من مراعاة ذلك عند تخطيط الشوارع وتركيب إشارات المرور، وهو أمر في غاية السهولة خاصة في التقاطعات، فعندما تتوقف حركة السير للمركبات القادمة من الشرق إلى الغرب أو العكس )مثلاً(، وتبدأ حركة السير للمركبات المتحركة في الاتجاه الآخر)شمال جنوب أو العكس (يمكن للمشاة قطع الطريق في نفس الاتجاه، وليس المطلوب سوى وجود خطين متوازيين بينهما مسافة محددة خارج مسار العربات لاستخدام المشاة، أما في غير التقاطعات فتُحَدد مناطق المشاة حسب كثافة وجودهم أو على مسافات معقولة وبطرق فنية معينة لا تعيق حركة المرور وتحقق في نفس الوقت أعلى درجة من السلامة، ولكن عندنا فالمشاة ليس لهم سوى الموت!!
* ليتني ألتقي بالشخص الذي أشرف على تركيب إشارات المرور في الخرطوم حتى أفهم منه ماذا كان يريد أن يفعل، وأتعلم نظريته العبقرية في هندسة المرور إلى الآخرة!!
وكذلك هنالك بعض التقاطعات أو الاشارات المتقاربة التي لا تبعد عن بعضها بعض سوى عدة امتار احيانا اقل من 200 متر .. يفترض ان يكون هناك توقيت معين بحيث يسهل مرور السيارات دون التوقف مرتين